؛ لأنه لما قال : أوتيته على علم عندي، فتنفج بالعلم وتعظم به. قيل : أعنده مثل ذلك العلم الذي ادعاه ورأى نفسه به مستوجبة لكل نعمة، ولم يعلم هذا العلم النافع حتى يقي به نفسه مصارع الهالكين ﴿ وَأَكْثَرُ جَمْعاً ﴾ للمال، أو أكثر جماعة وعدداً. فإن قلت : ما وجه اتصال قوله :﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ بما قبله ؟ قلت : لما ذكر قارون من أهلك من قبله من القرون الذي كانوا أقوى منه وأغنى، قال على سبيل التهديد له : والله مطلع على ذنوب المجرمين، لا يحتاج إلى سؤالهم عنها واستعلامهم. وهو قادر على أن يعاقبهم عليها، كقوله تعالى :﴿ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ ( آل عمران : ١٥٣ ) وغيرها، ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ ( البقرة : ٢٨٣ )، ( المؤمنون : ٥١ )، ( النور : ٢٨ ) وما أشبه ذلك.
! ٧ < ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا يالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٧٩ ) فخرج على قومه..... > > ﴿فِى زِينَتِهِ ﴾ قال الحسن : في الحمرة والصفرة. وقيل : خرج على بغلة شهباء عليها الأرجوان وعليها سرج من ذهب، ومعه أربعة آلاف على زيه. وقيل : عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر، وعن يمينه ثلثمائة غلام، وعن يساره ثلثمائة جارية، بيض عليهنّ الحلي والديباج. وقيل : في تسعين ألفاً عليهم المعصفرات، وهو أوّل يوم رؤي فيه المعصفر : كان المتمنون قوماً مسلمين وإنما تمنوه على سبيل الرغبة في اليسار والاستغناء كما هو عادة البشر. وعن قتادة : تمنوه ليتقربوا به إلى الله وينفقوه في سبل الخير. وقيل : كانوا قوماً كفاراً. الغابط : هو الذي يتمنى مثل نعمة صاحبه من غير أن تزول عنه. والحاسد : هو الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له دونه فمن الغبطة قوله تعالى :﴿ الدُّنْيَا يالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ ﴾ ومن الحسد قوله :﴿ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ ( النساء : ٣٢ ) وقيل لرسول الله ﷺ :
( ٨١٩ ) هل يضر الغبط ؟ فقال :( لا إلا كما يضر العضاه

__________


الصفحة التالية
Icon