الذي لا بدّ له من فعله، لأنها لجزاء الأعمال وجزاؤها واجب، والأفعال : إما محال والمحال ممتنع أصلاً خارج عن المقدور، وأما ما يصرف الحكيم عن فعله صارف وهو القبيح، وهو رديف المحال ؛ لأنّ الصارف يمنع وجود الفعل كما تمنعه الإحالة. وإما تفضل والتفضل حالة بين بين، للفاعل أن يفعله وأن لا يفعله. وإما واجب لا بدّ من فعله، ولا سبيل إلى الإخلال به، فكان الواجب أبعد الأفعال من الامتناع وأقربها من الحصول. فلما كانت الإعادة من قبيل الواجب، كانت أبعد الأفعال من الامتناع. وإذا كانت أبعدها من الامتناع، كانت أدخلها في التأني والتسهل، فكانت أهون منها. وإذا كانت أهون منها كانت أهون من الإنشاء ﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الاعْلَى ﴾ أي الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله قد عرف به. ووصف في السماوات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شيء من إنشاء وإعادة وغيرهما من المقدورات، ويدل عليه قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ أي القاهر لكل مقدور ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ الذي يجري كل فعل على قضايا حكمته وعلمه. وعن مجاهد ﴿ الْمَثَلُ الاعْلَى ﴾ قول لا إلاه إلا الله، ومعناه : وله الوصف الأعلى الذي هو الوصف بالوحدانية. ويعضده قوله تعالى :﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ ( الروم : ٢٨ ) وقال الزجاج :﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الاعْلَى فِى السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ ﴾ أي : قوله تعالى :﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ قد ضربه لكم مثلاً فيما يصعب ويسهل. يريد : التفسير الأوّل.
! ٧ < ﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِى مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الاٌّ يَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الروم :( ٢٨ ) ضرب لكم مثلا..... > > فإن قلت : أي فرق بين الأولى والثانية والثالثة في قوله تعالى :﴿ مّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾، ﴿ مّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾، ﴿ مّن شُرَكَاء ﴾ ؟ قلت : الأولى للابتداء، كأنه قال : أخذ مثلاً

__________


الصفحة التالية
Icon