( ٨٥٣ ) ( الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش ) ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى ( من ) التبعيضية، كأنه قيل : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه. وقوله :﴿ يَشْتَرِى ﴾ إما من الشراء، على ما روى عن النضر : من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان. وإما من قوله :﴿ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإيمَانِ ﴾ ( آل عمران : ١٧٧ ) أي استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة : اشتراؤه : استحبابه، يختار حديث الباطل على حديث الحق. وقرىء :﴿ لِيُضِلَّ ﴾ بضم الياء وفتحها. و ﴿ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ دين الإسلام أو القرآن. فإن قلت : القراءة بالضم بينة، لأن النضر كان غرضه باشتراء اللهو : أن يصدّ الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ويضلهم عنه، فما معنى القراءة بالفتح ؟ قلت : فيه معنيان، أحدهما : ليثبت على ضلاله الذي كان عليه، ولا يصدف عنه، ويزيد فيه ويمدّه، فإن المخذول كان شديد الشكيمة في عداوة الدين وصدّ الناس عنه. والثاني : أن يوضع ليضل موضع ليضل، من قبل أن من أضل كان ضالاً لا محالة، فدل بالرديف على المردوف. فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ قلت : لما جعله مشترياً لهو الحديث بالقرآن قال : يشتري بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة بها، حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق. ونحوه قوله تعالى :﴿ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ﴾ ( البقرة : ١٦ ) أي : وما كانوا مهتدين للتجارة بصراء بها : وقرىء ﴿ وَيَتَّخِذَهَا ﴾ بالنصب والرفع عطفاً على يشتري. أو ليضل، والضمير للسبيل ؛ لأنها مؤنثة، كقوله تعالى :﴿ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ ( الأعراف : ٨٦ ). ﴿ وَلَّى مُسْتَكْبِراً ﴾ زاما لا يعبأ بها ولا يرفع بها رأساً : تشبه حاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو سامع ﴿ كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً ﴾ أي ثقلاً ولا وقر فيهما، وقرىء : بسكون الذال. فإن قلت : ما محل الجملتين المصدرتين بكأن ؟ قلت : الأولى حال من مستكبراً والثانية من لم يسمعها : ويجوز أن تكونا استئنافين، والأصل في كأن المخففة : كأنه، والضمير : ضمير الشأن.
! ٧ < { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الاٌّ رْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَاذَا خَلْقُ اللَّهِ