> ١ ( سورة السجدة ) ١ <
مكية وآياتها ٣٠ وقيل ٢٩
بسم اللَّه الرحمان الرحيم
! ٧ < ﴿ الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ > ٧ !
< < السجدة :( ١ ) الم > > ﴿الم ﴾ على أنها اسم السورة مبتدأ خبره ﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ ﴾ وإن جعلتها تعديداً للحروف ارتفع ﴿ تَنزِيلُ الْكِتَابِ ﴾ بأنه خبر مبتدإ محذوف : أو هو مبتدأ خبره ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ والوجه أن يرتفع بالابتداء، وخبره ﴿ مِن رَّبّ الْعَالَمِينَ ﴾ و ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ : اعتراض لا محل له. والضمير في ﴿ فِيهِ ﴾ راجع إلى مضمون الجملة، كأنه قيل : لا ريب في ذلك، أي في كونه منزلاً من رب العالمين ويشهد لوجاهته قوله ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾ لأنّ قولهم : هذا مفترى، إنكار لأن يكون من رب العالمين، وكذلك قوله :﴿ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبّكَ ﴾ وما فيه من تقدير أنه من الله، وهذا أسلوب صحيح محكم : أثبت أولاً أن تنزيله من رب العالمين، وأن ذلك ما لا ريب فيه، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ﴾ لأن ( أم ) هي المنقطعة الكائنة بمعنى : بل والهمزة، إنكاراً لقولهم وتعجيباً منه لظهور أمره : في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه، ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك. ونظيره أن يعلل العالم في المسألة بعلة صحيحة جامعة، قد احترز فيها أنواع الاحتراز. كقول المتكلمين : النظر أوّل الأفعال الواجبة على الإطلاق التي لا يعرى عن وجوبها مكلف، ثم يعترض عليه فيها ببعض ما وقع احترازه منه، فيرده بتلخيص أنه احترز من ذلك، ثم يعود إلى تقرير كلامه وتمشيته. فإن قلت : كيف نفي أن يرتاب في أنه من الله، وقد أثبت ما هو أطم من الريب، وهو قولهم :﴿ افْتَرَاهُ ﴾ ؟ قلت : معنى ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ أن لا مدخل للريب في أنه تنزيل الله : لأن نافي الريب ومميطه معه لا ينفك عنه وهو كونه معجزاً للبشر، ومثله أبعد شيء من الريب.