﴿ وَلَوْ تَرَى ﴾ يجوز أن يكون خطاباً لرسول الله ﷺ، وفيه وجهان : أن يراد به التمني، كأنه قال : وليتك ترى، كقوله ﷺ للمغيرة :
( ٨٦٣ ) ( لو نظرت إليها ) والتمني لرسول الله ﷺ، كما كان الترجي له في ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ لأنه تجرع منهم الغصص ومن عداوتهم وضرارهم، فجعل الله له تمني أن يراهم على تلك الصفة الفظيعة من الحياء والخزي والغم ليشمت بهم، وأن تكون لو الامتناعية قد حذف جوابها، وهو : لرأيت أمراً فظيعاً. أو : لرأيت أسوأ حال ترى. ويجوز : أن يخاطب به كل أحد، كما تقول : فلان لئيم، إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، فلا تريد به مخاطباً بعينه، فكأنك قلت : إن أكرم وإن أحسن إليه، ولو وإذ : كلاهما للمضي، وإنما جاز ذلك ؛ لأن المترقب من الله بمنزلة الوجود المقطوع به في تحققه، ولا يقدر لنرى ما يتناوله، كأنه قيل : ولو تكون منكم الرؤية، وإذ ظرف له. يستغيثون بقولهم ﴿ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ﴾ فلا يغاثون، يعني : أبصرنا صدق وعدك ووعيدك وسمعنا منك تصديق رسلك. أو كنا عمياً وصماً فأبصرنا وسمعنا ﴿ فَارْجِعْنَا ﴾ هي الرجعة إلى الدنيا ﴿ لاَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾ على طريق الإلجاء والقسر، ولكننا بنينا الأمر على الاختيار دون الاضطرار، فاستحيوا العمى على الهدى، فحقت كلمة العذاب على أهل العمى دون البصراء ألا ترى إلى ما عقبه به من قوله :﴿ فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ ﴾ فجعل ذوق العذاب نتيجة فعلهم : من نسيان العاقبة، وقلة الفكر فيها، وترك الاستعداد لها. والمراد بالنسيان : خلاف التذكر، يعني : أن الانهماك في الشهوات أذهلكم وألهاكم عن تذكر العاقبة وسلط عليكم نسيانها، ثم قال :﴿ إِنَّا نَسِينَاكُمْ ﴾ على المقابلة، أي : جازيناكم جزاء نسيانكم. وقيل : هو بمعنى الترك، أي : تركتم الفكر في العاقبة، فتركناكم من الرحمة، وفي استئناف قوله إنا نسيناكم وبناء الفعل على إن واسمها تشديد في الانتقام منهم. والمعنى فذوقوا هذا أي ما أنتم فيه من نكس الرؤوس والخزي والغم بسبب نسيان اللقاء، وذوقوا العذاب المخلد في جهنم بسبب ما عملتم من المعاصي والكبائر