واختصاصه ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾ بما وفقك الله فيه، فهو متقلب في نعمة الله ونعمة رسوله ﷺ، وهو زيد بن حارثة ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾ يعني زينب بنت جحش رضي الله عنها :
( ٨٩٢ ) وذلك أن رسول الله ﷺ أبصرها بعدما أنكحها إياه، فوقعت في نفسه، فقال : سبحان الله مقلب القلوب، وذلك أنّ نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، ولو أرادتها لاختطبها، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن وألقى الله في نفسة كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله ﷺ، فقال لرسول الله ﷺ : إني أريد أن أفارق صاحبتي، فقال :( مالك : أرابك منها شيء ؟ ) قال : لا والله ؛ ما رأيت منها إلاّ خيراً، ولكنها تتعظم عليّ لشرفها وتؤذيني، فقال له :( امسك عليك زوجك واتق الله )، ثم طلقها بعد، فلما اعتدّت قال رسول الله ﷺ :( ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك، اخطب عليّ زينب. قال زيد : فانطلقت فإذا هي تخمر عجينتها، فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، حين علمت أنْ رسول الله ﷺ ذكرها، فوليتها ظهري وقلت : يا زينب، أبشري إنّ رسول الله ﷺ يخطبك، ففرحت وقالت : ما أنا بصانعه شيئاً حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن ﴿ زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ فتزوجها رسول الله ﷺ ودخل بها، وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها : ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتدّ النهار. فإن قلت : ما أراد بقوله :﴿ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾ ؟ قلت : أراد : واتق الله فلا تطلقها، وقصد نهي تنزيه لا تحريم، لأن الأولى أن لا يطلق. وقيل : أراد : واتق الله فلا تذمّها بالنسبة إلى الكبر وأذّى الزوج. فإن قلت : ما الذي أخفى في نفسه ؟ قلت : تعلق قلبه بها. وقيل : مودة مفارقة زيد إياها. وقيل : علمه بأن زيداً سيطلقها وسينكحها، لأن الله قد أعلمه بذلك. وعن عائشة رضي الله عنها :
( ٨٩٣ ) لو كتم رسول الله ﷺ شيئاً مما أوحى إليه لكتم هذه الآية. فإن قلت