ثم ذكرها مما يحيط به علماً ﴿ مَا يَلْجُ فِى الاْرْضِ ﴾ من الغيث كقوله :﴿ فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الاْرْضِ ﴾ ( الزمر : ٢١ ) ومن الكنوز والدفائن والأموات، وجميع ما هي له كفات ﴿ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ﴾ من الشجر والنبات، وماء العيون، والغلة والدواب، وغير ذلك ﴿ مَا * يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء ﴾ من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والملائكة وأنواع البركات والمقادير، كما قال تعالى :﴿ وَفِى السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ ( الذاريات : ٢٢ ) ﴿ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ﴾ من الملائكة وأعمال العباد ﴿ وَهُوَ ﴾ مع كثرة نعمه وسبوغ فضله ﴿ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ﴾ للمفرطين في أداء مواجب شكرها. وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه : تنزل، بالنون والتشديد.
! ٧ < ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِى الاٌّ رْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ * لِّيَجْزِىَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٣ - ٤ ) وقال الذين كفروا..... > > قولهم :﴿ لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ ﴾ نفي للبعث وإنكار لمجيء الساعة. أو استبطاء لما قد وعدوه من قيامها على سبيل الهزء والسخرية، كقولهم :﴿ مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ ﴾ ( يونس : ٤٨ )، ( الأنبياء : ٣٨ ). أوجب ما بعد النفي ببلى على المعنى : أن ليس الأمر إلا إتيانها، ثم أعيد إيجابه مؤكداً بما هو الغاية في التوكيد والتشديد، وهو التوكيد باليمين بالله عزّ وجلّ، ثم أمد التوكيد القمسي إمداداً بما أتبع المقسم به من الوصف بما وصف به، إلى قوله :﴿ لِيَجْزِىَ ﴾ لأنّ عظمة حال المقسم به تؤذن بقوة حال المقسم عليه وشدّة ثباته واستقامته، لأنه بمنزلة الاستشهاد على الأمر، وكلما كان المستشهد به أعلى كعباً وأبين فضلاً وأرفع منزلة، كانت الشهادة أقوى وآكد، والمستشهد عليه أثبت وأرسخ. فإن قلت : هل للوصف الذي وصف به المقسم به وجه اختصاص بهذا المعنى ؟ قلت : نعم وذلك أن قيام الساعة من مشاهير الغيوب، وأدخلها في الخفية، وأوّلها مسارعة إلى القلب : إذا قيل : عالم الغيب، فحين أقسم باسمه على إثبات قيام الساعة، وأنه كائن لا محالة، ثم وصف بما يرجع إلى علم الغيب، وأنه لا يفوت علمه شيء من الخفيات، واندرج تحته إحاطته بوقت قيام الساعة، فجاء ما تطلبه من وجه الاختصاص مجيئاً واضحاً. فإن قلت : الناس قد أنكروا إتيان الساعة وجحدوه، فهب أنه حلف لهم بأغلظ الأيمان وأقسم عليهم جهد القسم، فيمين من هو في معتقدهم مفتر على الله كذباً كيف تكون مصححة لما أنكروه ؟ قلت : هذا لو اقتصر على اليمين ولم يتبعها الحجة القاطعة البينة الساطعة وهي قوله :﴿ لِيَجْزِىَ ﴾ فقد وضع الله في العقول وركب في الغرائز وجوب الجزاء، وأن

__________


الصفحة التالية
Icon