القياس الطرح، ولكون أمراً اضطرّهم إلى ترك إسقاطها في نحو ﴿ السِّحْرُ ﴾ وهو خوف التباس الاستفهام بالخبر، لكون همزة الوصل مفتوحة كهمزة الاستفهام. فإن قلت : ما معنى وصف الضلال بالبعد ؟ قلت : هو من الإسناد المجازي ؛ لأنّ البعيد صفة الضال إذا بعد عن الجادّة، وكلما ازداد عنها بعداً كان أضلّ. فإن قلت : كان رسول الله ﷺ مشهوراً علماً في قريش، وكان إنباؤه بالبعث شائعاً عندهم، فما معنى قوله :﴿ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبّئُكُمْ ﴾ فنكروه لهم، وعرضوا عليهم الدلالة عليه كما يدلّ على مجهول في أمر مجهول. قلت : كانوا يقصدون بذلك الطنز والسخرية، فأخرجوه مخرج التحلي ببعض الأحاجي التي يتحاجى بها للضحك والتلهي متجاهلين به وبأمره.
! ٧ < ﴿ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاٌّ رْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاٌّ رْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاّيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٩ ) أفلم يروا إلى..... > > [يريد] أعموا فلم ينظروا إلى السماء والأرض، وأنهما حيثما كانوا وأينما ساروا أمامهم وخلفهم محيطتان بهم، لا يقدرون أن ينفذوا من أقطارهما وأن يخرجوا عما هم فيه من ملكوت الله عزّ وجلّ، ولم يخافوا أن يخسف الله بهم أو يسقط عليهم كسفاً، لتكذيبهم الآيات وكفرهم بالرسول ﷺ وبما جاء به، كما فعل بقارون وأصحاب الأيكة ﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ النظر إلى السماء والأرض والفكر فيهما وما يدلاّن عليه من قدرة الله ﴿ لآيَةً ﴾ ودلالة ﴿ لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾ وهو الراجع إلى ربه المطيع له ؛ لأنّ المنيب لا يخلو من النظر في آيات الله، على أنه قادر على كل شيء من البعث ومن عقاب من يكفر به. قرىء :( يشأ ويخسف ويسقط ) : بالياء ؛ لقوله تعالى :﴿ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ ( الأنعام : ٢١ ) وبالنون لقوله :﴿ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا ﴾ وكسفاً : بفتح السين وسكونه. وقرأ الكسائي :( يخسف بهم ) بالإدغام وليست بقوية.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ياجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُواْ ءَالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ١٠ - ١٣ ) ولقد آتينا داود..... > > ﴿ يا جِبَالٍ ﴾ إمّا أن يكون بدلاً من ﴿ فَضْلاً ﴾، وإمّا من ﴿ ءاتَيْنَا ﴾ بتقدير : قولنا يا جبال. أو : قلنا يا جبال. وقرىء :( أوّبي ) و ( أوبي ) من التأويب. والأوب : أي رجعي معه التسبيح. أو ارجعى معه في التسبيح كلما رجع فيه ؛ لأنه إذا رجعه فقد رجع فيه :

__________


الصفحة التالية
Icon