عندماعلم من ترتيب التعلم، أي علمتني يا رب لطيفة في باب التعلم وأدباً جميلاً ما كان عندي. فزدني علماً إلى علم، فإنّ لك في كل شيء، حكمة وعلماً. وقيل : ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ﴾ > ٧ !
< < طه :( ١١٥ ) ولقد عهدنا إلى..... > > يقال في أوامر الملوك ووصاياهم : تقدّم الملك إلى فلان وأوعز إليه، وعزم عليه، وعهد إليه عطف الله سبحانه قصة آدم على قوله :﴿ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ ( طه : ١١٣ ) والمعنى : وأقسم قسماً لقد أمرنا أباهم آدم ووصيناه أن لا يقرب الشجرة، وتوعدناه بالدخول في جملة الظالمين إن قربها، وذلك من قبل وجودهم ومن قبل أن نتوعدهم، فخالف إلى ما نهى عنه، وتوعد في ارتكابه مخالفتهم، ولم يلتفت إلى الوعيد كما لا يلتفتون، كأنه يقول : إنّ أساس أمر بني آدم على ذلك، وعرقهم راسخ فيه. فإن قلت : ما المراد بالنسيان ؟ قلت يجوز أن يراد النسيان الذي هو نقيض الذكر، وأنه لم يعن بالوصية العناية الصادقة، ولم يستوثق منها بعقد القلب عليها وضبط النفس، حتى تولد من ذلك النسيان. وأن يراد الترك وأنه ترك ما وصى به من الاحتراس عن الشجرة وأكل ثمرتها. وقرىء ( فنسى ) أي : نساه الشيطان. العزم : التصميم والمضيّ على ترك الأكل، وأن يتصلب في ذلك تصلباً يؤيس الشيطان من التسويل له. والوجود : يجوز أن يكون بمعنى العلم، ومفعولاه ﴿ لَهُ عَزْماً ﴾ وأن يكون نقيض العدم كأنه قال : وعدمنا له عزماً.
! ٧ < ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ١١٦ ) وإذ قلنا للملائكة..... > > ﴿ وَإِذْ ﴾ منصوب بمضمر، أي : واذكر وقت ما جرى عليه من معاداة إبليس ووسوسته إليه وتزيينه له الأكل من الشجرة، وطاعته له بعد ما تقدّمت معه النصيحة والموعظة البليغة والتحذير من كيده، حتى يتبين لك أنه لم يكن من أولي العزم والثبات. فإن قلت : إبليس كان جنياً بدليل قوله تعالى :﴿ كَانَ مِنَ الْجِنّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ ﴾ ( الكهف : ٥٠ ) فمن أين تناوله الأمر وهو للملائكة خاصة قلت كان في صحبتهم، وكان يعبد الله تعالى عبادتهم، فلما أمروا بالسجود لآدم والتواضع له كرامة له، كان الجني الذي معهم أجدر بأن يتواضع، كما لو قام لمقبل على المجلس علية أهله وسراتهم، كان القيام على واحد بينهم هو دونهم في المنزلة أوجب، حتى إن لم يقم عنف. وقيل له : قد قام فلان وفلان، فمن أنت حتى تترفع عن القيام ؟ فإن قلت : فكيف صحّ استثناؤه وهو جني عن الملائكة قلت : عمل على حكم التغليب في إطلاق اسم الملائكة عليهم وعليه، فأخرج الاستثناء على ذلك، كقولك : خرجوا إلا فلانة، لامرأة بين الرجال

__________


الصفحة التالية
Icon