إليه نظره ويملأ منه عينيه قيل :﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ أي لا تفعل ما أنت معتاد له وضار به، ولقد شدّد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمراكب وغير ذلك، لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة ؛ فالناظر إليها محصل لغرضهم، وكالمغري لهم على اتخاذها ﴿ أَزْواجاً مّنْهُمْ ﴾ أصنافاً من الكفرة ويجوز أن ينتصب حالاً من هاء الضمير، والفعل واقع على ﴿ مِنْهُمْ ﴾ كأنه قال : إلى الذي متعنا به وهو أصناف بعضهم وناساً منهم. فإن قلت : علام انتصب ﴿ زَهْرَةَ ﴾ ؟ قلت : على أحد أربعة أوجه : على الذم وهو النصب على الاختصاص. وعلى تضمين ﴿ مَتَّعْنَا ﴾ معنى أعطينا وخوّلنا، وكونه مفعولاً ثانياً له. وعلى إبداله من محل الجار والمجرور. وعلى إبداله من أزواجاً، على تقدير ذوي زهرة. فإن قلت : ما معنى الزهرة فيمن حرّك ؟ قلت : معنى الزهرة بعينه وهو الزينة والبهجة، كما جاء في الْجَهْرَة الْجَهَرَة. وقرىء :﴿ أَرِنَا اللَّهِ ﴾ ( النساء : ١٥٣ ). وأن تكون جمع زاهر، وصفاً لهم بأنهم زاهرو هذه الدنيا، لصفاء ألوانهم مما يلهون ويتنعمون ؛ وتهلل وجوههم وبهاء زيهم وشارتهم بخلاف ما عليه المؤمنون والصلحاء : من شحوب الألوان والتقشف في الثياب ﴿ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ ﴾ لنبلوهم حتى يستوجبوا العذاب، لوجود الكفران منهم. أو لنعذبهم في الآخرة بسببه ﴿ وَرِزْقُ رَبّكَ ﴾ هو ما ادّخر له من ثواب الآخرة الذي هو خير منه في نفسه وأدوم. وأو ما رزقه من نعمة الإسلام والنبوّة. أو لأن أموالهم الغالب عليها الغصب والسرقة والحرمة من بعض الوجوه، والحلال ﴿ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ لأن الله لا ينسب إلى نفسه إلا ما حل وطاب دون ما حرم وخبث، والحرام لا يسمى رزقاً أصلاً وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي رافع قال :

__________


الصفحة التالية
Icon