ولا يجاهدون في الله، ولا يفكرون أفكار ذوي الديانات ولا يستبصرون في حكم الزمني الذين لا يقدرون على أعمال جوارحهم والمسلوبي العقول الذين لا استبصار بهم. وفيه تعريض بكل من لم يكن من عمال الله، ولا من المستبصرين في دين الله، وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع كونهم متمكنين منهما. وقرىء :( أولى الأيادي ) على جمع الجمع. وفي قراءة ابن مسعود :( أولي الأيد ) على طرح الياء والاكتفاء بالكسرة. وتفسيره بالأيد من التأييد فلق غير متمكن ( أخلصناهم ) جعلناهم خالصين ﴿ بِخَالِصَةٍ ﴾ بخصلة خالصة لا شوب فيها، ثم فسرها بذكرى الدار بالخلوص والصفاء وانتفاء الكدورة عنها. وقرىء : على الإضافة. والمعنى : بما خلص من ذكرى الدار، على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بهمّ آخر، إنما همهم ذكرى الدار لا غير. ومعنى ﴿ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾ : ذكراهم الآخرة دائباً، ونسيانهم إليها ذكر الدنيا. أو تذكيرهم الآخرة وترغيبهم فيها، وتزهيدهم في الدنيا ؛ كما هو شأن الأنبياء وديدنهم. وقيل : ذكرى الدار. الثناء الجميل في الدنيا ولسان الصدق الذي ليس لغيرهم. فإن قلت : ما معنى ﴿ أَخْلَصْناهُمْ بِخَالِصَةٍ ﴾ ؟ قلت : معناه : أخلصناهم بسبب هذه الخصلة، وبأنهم من أهلها. أو أخلصناهم بتوفيقهم لها، واللطف بهم في اختيارها. وتعضد الأوّا قراءة من قرأ :( بخالصتهم ) ﴿ الْمُصْطَفَيْنَ ﴾ المختارين من أبناء جنسهم. و ﴿ الاْخْيَارِ ﴾ جمع خير، أو خير على التخفيف ؛ كالأموات في جمع ميت أو ميت.
! ٧ < ﴿ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الاٌّ خْيَارِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٤٨ ) واذكر إسماعيل واليسع..... > > ﴿ وَالْيَسَعَ ﴾ كأن حرف التعريف دخل على يسع. وقرىء :( ولليسع )، كأن حرف التعريف دخل على ليسع، فيعل من اللسع. والتنوين في ﴿ وَكُلٌّ ﴾ عوض من المضاف إليه، ومعناه : وكلهم من الأخيار.
! ٧ < ﴿ هَاذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَأابٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الاٌّ بْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٤٩ - ٥٢ ) هذا ذكر وإن..... > > ﴿ هَاذَا ذِكْرُ ﴾ أي : هذا نوع من الذكر وهو القرآن. لما أجري ذكر الأنبياء وأتمه، وهو باب من أبو اب التنزيل ؛ ونوع من أنواعه، وأراد أن يذكر على عقبه باباً آخر، وهو ذكر الجنة وأهلها. قال : هذا ذكر، ثم قال :﴿ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ كما يقول الجاحظ

__________


الصفحة التالية
Icon