في كتبه : فهذا باب، ثم يشرع في باب آخر، ويقول الكاتب إذا فرغ من فصل من كتابه وأراد الشروع في آخر : هذا وقد كان كيت وكيت ؛ والدليل عليه : أنه لما أتمّ ذكر أهل الجنة وأراد أن يعقبه بذكر أهل النار. قال : هذا وإن للطاغين. وقيل : معناه هذا شرف وذكر جميل ويذكرون به أبداً. وعن ابن عباس رضي الله عنه : هذا ذكر من مضي من الأنبياء ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ معرفة لقوله :﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِى وَعَدَ الرَّحْمَانُ ﴾ ( مريم : ٦١ ) وانتصابها على أنها عطف بيان لحسن مآب. و ﴿ مُّفَتَّحَةً ﴾ حال، والعامل فيها ما في ( للمتقين ) من معنى الفعل. وفي ﴿ مُّفَتَّحَةً ﴾ ضمير الجنات، والأبواب بدل من الضمير، تقديره : مفتحة هي الأبواب، كقولهم : ضرب زيد اليد والرجل، وهو من بدل الاشتمال. وقرىء :( جنات عدن مفتحة ) بالرفع، على أن جنات عدن مبتدأ، ومفتحة خبره. أو كلاهما خبر مبتدأ محذوف، أي هو جنات عدن هي مفتحة لهم ؛ كأن اللدات سمين أتراباً، لأن التراب مسهن في وقت واحد، وإنما جعلن على سنّ واحدة، لأنّ التحاب بين الأقران أثبت. وقيل : هنّ أتراب لأزواجهنّ، أسنانهنّ كأسنانهم :
! ٧ < ﴿ هَاذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ * إِنَّ هَاذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٥٣ ) هذا ما توعدون..... > > قرىء :( يوعدون ) بالتاء والياء ﴿ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ لأجل يوم الحساب، كما تقول : هذا ما تدخرونه ليوم الحساب، أي : ليوم تجزى كل نفس ما عملت.
! ٧ < ﴿ هَاذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَأابٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ * قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى النَّارِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٥٥ - ٦١ ) هذا وإن للطاغين..... > > ﴿ هَاذَا ﴾ أي الأمر هذا : أو هذا كما ذكر ﴿ فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾، كقوله :﴿ لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ ( الأعراف : ٤١ ) شبه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفترشه النائم، أي : هذا حميم فليذوقوه. أو العذاب هذا فليذوقوه، ثم ابتدأ فقال : هو ﴿ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ أو : هذا فليذوقوه بمنزلة ﴿ وَإِيَّاىَ فَارْهَبُونِ ﴾ ( البقرة : ٤٠ ) أي ليذوقوا هذا فليذوقوه، والغساق بالتخفيف والتشديد : ما يغسق من صديد أهل النار، يقال : غسقت العين، إذا سال دمعها. وقيل : الحميم يحرق بحرّه، والغساق يحرق ببرده.

__________


الصفحة التالية
Icon