فيمتنع اعتباراً لسقوطه، فيقول له : ما منعك أن تتواضع لمن لا يخفى عليّ سقوطه، يريد : هلا اعتبرت أمرى وخطابي وتركت اعتبار سقوطه، وفيه : أني خلقته بيدي، فأنا أعلم بحاله، ومع ذلك أمرت الملائكة بأن يسجدوا له لداعي حكمة دعاني إليه : من إنعام عليه بالتكرمة السنية وابتلاء للملائكة، فمن أنت حتى يصرفك عن السجود له، ما لم يصرفني عن الأمر بالسجود له. وقيل : معنى ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ ﴾ لما خلقت بغير واسطة. وقرىء :( بيدي ) كما قرىء :( بمصرخي ). وقرىء : بيدي ) على التوحيد ﴿ مِنَ الْعَالِينَ ﴾ ممن علوت وفقت، فأجاب بأنه من العالين حيث ﴿ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ ﴾ وقيل : استكبرت الآن، أم لم تزل مند كنت من المستكبرين. ومعنى الهمزة : التقرير. وقرىء :( استكبرت ) بحذف حرف الاستفهام ؛ لأنّ أم تدلّ عليه. أو بمعنى الإخبار. هذا على سبيل الأولى، أي : لو كان مخلوقاً من نار لما سجدت له، لأنه مخلوق مثلي، فكيف أسجد لمن هو دوني لأنه من طين والنار تغلب الطين وتأكله، وقد جرت الجملة الثانية من الأولى وهي ﴿ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ ﴾ مجرى المعطوف عطف البيان من المعطوف عليه في البيان والإيضاح.
! ٧ < ﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٧٧ ) قال فاخرج منها..... > > ﴿مِنْهَا ﴾ من الجنة. وقيل : من السماوات. وقيل : من الخلقة التي أنت فيها ؛ لأنه كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسودّ بعد ما كان أبيض وقبح بعد ما كان حسناً، وأظلم بعد ما كان نورانياً. والرجيم : المرجوم. ومعناه : المطرود، كما قيل له : المدحور والملعون ؛ لأنّ من طرد رمي بالحجارة على أثره. والرجم : الرمي بالحجارة. أو لأنّ الشياطين يرجمون بالشهب. فإن قلت : قوله :﴿ لَعْنَتِى * يَوْمِ الدّينِ ﴾ كأن لعنة إبليس غايتها يوم الدين ثم تنقطع ؟ قلت : كيف تنقطع وقد قال الله تعالى :﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ ( الأعراف : ٤٤ ) ولكن المعنى : أن عليه اللعنة في الدنيا، فإذا كان يوم الدين اقترن له باللعنة ما ينسى عنده اللعنة، فكأنها انقطعت.
! ٧ < ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٧٩ ) قال رب فأنظرني..... > > فإن قلت : ما الوقت المعلوم الذي أضيف إليه اليوم ؟ قلت : الوقت الذي تقع فيه النفخة الأولى. ويومه : اليوم الذي وقت النفخة جزء من أجزائه. ومعنى المعلوم : أنه معلوم عند الله معين، لا يستقدم ولا يستأخر.

__________


الصفحة التالية
Icon