الموت، وهو نظير قوله :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ﴾ ( الزمر : ٩ ) في حذف الخبر ﴿ مّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ من أجل ذكره، أي : إذا ذكر الله عندهم أو آياته اشمؤزوا وازدادت قلوبهم قساوة، كقوله تعالى :﴿ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ﴾ ( التوبة : ١٢٥ ). وقرىء :( عن ذكر الله ) فإن قلت : ما الفرق بين من وعن في هذا ؟ قلت : إذا قلت : قسا قلبه من ذكر الله، فالمعنى ما ذكرت، من أن القسوة من أجل الذكر وبسببه، وإذا قلت : عن ذكر الله، فالمعنى : غلظ عن قبول الذكر وجفا عنه. ونظيره : سقاه من العيمة، أي من أجل عطشه، وسقاه عن العيمة : إذا أرواه حتى أبعده عن العطش.
! ٧ < ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ > ٧ !
< < الزمر :( ٢٣ ) الله نزل أحسن..... > > عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنّ أصحاب رسول الله ﷺ ملوا ملة، فقالوا له : حدثنا فنزلت، وإيقاع اسم الله مبتدأ وبناء ﴿ نَزَّلَ ﴾ عليه : فيه تفخيم لأحسن الحديث، ورفع منه، واستشهاد على حسنه، وتأكيد لاستناده إلى الله وأنه من عنده، وأن مثله لا يجوز أن يصدر إلاّ عنه، وتنبيه على أنه وحي معجز مباين لسائر الأحاديث. و ﴿ كِتَاباً ﴾ بدل من أحسن الحديث. ويحتمل أن يكون حالاً منه ﴿ مُّتَشَابِهاً ﴾ مطلق في مشابهة بعضه بعضاً، فكان متناولاً لتشابه معانيه في الصحة والإحكام، والبناء على الحق والصدق ومنفعة الخلق، وتناسب ألفاظه وتناصفها في التخير والإصابة، وتجاوب نظمه وتأليفه في الإعجاز والتبكيت، ويجوز أن يكون ﴿ مَّثَانِيَ ﴾ بياناً لكونه متشابهاً ؛ لأن القصص المكررة لا تكون إلاّ متشابهة. والمثاني : جمع مثنى بمعنى مردّد مكرّر، ولما ثنى من قصصه وأنبائه، وأحكامه، وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، ومواعظه. وقيل : لأنه يثني في التلاوة، فلا يمل كما جاء في وصفه لا يتفه ولا يتشان ولا يخلق على كثرة الرّد. ويجوز أن يكون جمع مثنى مفعل، من التثنية بمعنى التكرير، والإعادة كما كان قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾ ( الملك : ٤ ) بمعنى كرّة بعد كرّة، وكذلك : لبيك