تفخيم وتعظيم، فهو مقتض للمبالغة، ومع القصد إلى الجمع وتأكيده بالجميع اتبع الجميع مؤكدة قبل مجيء الخبر، ليعلم أوّل الأمر أن الخبر الذي يرد لا يقع عن أرض واحدة، ولكن عن الأراضي كلهن. والقبضة : المرة من القبض ﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ﴾ ( طه : ٩٦ ) والقبضة بالضم : المقدار المقبوض بالكف، ويقال أيضاً : أعطني قبضة من كذا : تريد معنى القبضة تسمية بالمصدر، كما روى :
( ٩٧٤ ) أنه نهى عن خطفة السبع، وكلا المعنيين محتمل. والمعنى : الأرضون جميعاً قبضته، أي : ذوات قبضته يقبضهن قبضة واحدة، يعني أنّ الأرضين مع عظمهن وبسطتهن لا يبلغهن إلاّ قبضة واحدة من قبضاته، كأنه يقبضها قبضة بكف واحدة، كما تقول : الجزور أكلة لقمان، والقلة جرعته، أي : ذات أكلته وذات جرعته ؛ تريد : أنهما لا يفيان إلا بأكلة فذة من أكلاته، وجرعة فردة من جرعاته. وإذا أريد معنى القبضة فظاهر، لأنّ المعنى : أنّ الأرضين بجملتها مقدار ما يقبضه بكف واحدة. فإن قلت : ما وجه قراءة من قرأ ( قبضته ) بالنصب ؟ قلت : جعلها ظرفاً مشبهاً للمؤقت بالمبهم :﴿ مَطْوِيَّاتٌ ﴾ من الطي الذي هو ضدّ النشر، كما قال تعالى :﴿ يَوْمَ نَطْوِى السَّمَاء كَطَىّ السّجِلّ لِلْكُتُبِ ﴾ ( الأنبياء : ١٠٤ ) وعادة طاوي السجل أن يطويه بيمينه، وقيل : قبضته : ملكه بلا مدافع ولا منازع، وبيمينه : بقدرته. وقيل : مطويات بيمينه مفنيات بقسمه ؛ لأنه أقسم أن يفنيها، ومن اشتم رائحة من علمنا هذا فليعرض عليه هذا التأويل ليتلهى بالتعجب منه ومن قائله، ثم يبكي حميه لكلام الله المعجز بفصاحته، وما مني به من أمثاله ؛ وأثقل منه على الروح، وأصدع للكبد تدوين العلماء قوله، واستحسانهم له، وحكايته على فروع المنابر، واستجلاب الاهتزاز به من السامعين. وقرىء :( مطويات ) على نظم السماوات في حكم

__________


الصفحة التالية
Icon