يرضون إلاّ من أحبه الله ورضيه، وأنّ الله لا يحبّ الظالمين، فلا يحبونهم، وإذا لم يحبوهم لم ينصروهم ولم يشفعوا لهم. قال الله تعالى :﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ ( البقرة : ٢٧٠ ) وقال :﴿ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ ( الأنبياء : ٢٨ ) ولأن الشفاعة لا تكون إلاّ في زيادة التفضل، وأهل التفضل وزيادته إنما هم أهل الثواب، بدليل قوله تعالى :﴿ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ ﴾ ( النساء : ١٧٤ ) وعن الحسن رضي الله عنه : والله ما يكون لهم شفيع البتة، فإن قلت : الغرض حاصل بذكر الشفيع ونفيه، فما الفائدة في ذكر هذه الصفة ونفيها ؟ قلت : في ذكرها فائدة جليلة، وهي أنها ضمت إليه، ليقام انتفاء الموصوف مقام الشاهد على انتفاء الصفة، لأن الصفة لا تتأتى بدون موصوفها، فيكون ذلك إزالة لتوهم وجود الموصوف، بيانه : أنك إذا عوتبت على القعود عن الغزو فقلت : ما لي فرس أركبه، ولا معي سلاح أحارب به، فقد جعلت عدم الفرس وفقد السلاح علة مانعة من الركوب والمحاربة، كأنك تقول : كيف يتأتى مني الركوب والمحاربة ولا فرس لي ولا سلاح معي، فكذلك قوله :﴿ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ معناه : كيف يتأتى التشفيع ولا شفيع، فكان ذكر التشفيع والاستشهاد على عدم تأتيه بعدم الشفيع : وضعاً لانتفاء الشفيع موضع الأمر المعروف غير المنكر الذي لا ينبغي أن يتوهم خلافه.
! ٧ < ﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الاٌّ عْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ ﴾ > ٧ !
< < غافر :( ١٩ ) يعلم خائنة الأعين..... > > الخائنة : صفة للنظرة. أو مصدر بمعنى الخيانة، كالعافية بمعنى المعافاة، والمراد : استراق النظر إلى ما لا يحل، كما يفعل أهل الريب، ولا يحسن أن يراد الخائنة من الأعين، لأن قوله :﴿ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ ﴾ لا يساد عليه. فإن قلت : بم اتصل قوله :﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاْعْيُنِ ﴾ ؟ قلت : هو خبر من أخبار هو في قوله :﴿ هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ ﴾ ( الرعد : ١٢ ) مثل ﴿ يُلْقِى الرُّوحَ ﴾ ( غافر : ١٥ ) ولكن ﴿ يُلْقِى الرُّوحَ ﴾ ( غافر : ١٥ ) قد علل بقوله :﴿ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ ﴾ ( غافر : ١٥ ) ثم استطرد ذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله :﴿ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ ( غافر : ١٨ ) فبعد لذلك عن أخواته.
! ٧ < ﴿ وَاللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَىْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ > ٧ !
< < غافر :( ٢٠ ) والله يقضي بالحق..... > > ﴿ وَاللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقّ ﴾ يعني : والذي هذه صفاته وأحواله لا يقضي إلاّ بالحق