بالساحر مع قولهم ﴿ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾ ؟ قلت : قولهم ﴿ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾ : وعد منوى إخلافه، وعهد معزوم على نكثه، معلق بشرط أن يدعو لهم وينكشف عنهم العذاب. ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴾ فما كانت تسميتهم إياه بالساحر بمنافية لقولهم :( إننا لمهتدون ) وقيل : كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لاستعظامهم علم السحر :﴿ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ﴾ بعهده عندك : من أن دعوتك مستجابة. أو بعهده عندك وهو النبوّة. أو بما عهد عندك فوفيت به وهو الإيمان والطاعة. أو بما عهد عندك من كشف العذاب عمن اهتدى.
! ٧ < ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ ياقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَاذِهِ الاٌّ نْهَارُ تَجْرِى مِن تَحْتِى أَفَلاَ تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَاذَا الَّذِى هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾ > ٧ !
< < الزخرف :( ٥١ ) ونادى فرعون في..... > > ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ ﴾ جعلهم محلاً لندائه وموقعاً له. والمعنى : أنه أمر بالنداء في مجامعهم وأماكنهم من نادى فيها بذلك، فأسند النداء إليه، كقولك : قطع الأمير اللص، إذا أمر بقطعه. ويجوز أن يكون عنده عظماء القبط، فيرفع صوته بذلك فيما بينهم، ثم ينشر عنه في جموع القبط، فكأنه نودي به بينهم فقال :﴿ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَاذِهِ الاْنْهَارُ ﴾ يعني أنهار النيل ومعظمهما أربعة : نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر تنيس : قيل : كانت تجري تحت قصره. وقيل : تحت سريره لارتفاعه. وقيل : بين يدي في جناني وبساتيني. ويجوز أن تكون الواو عاطفة للأنهار على ملك مصر. وتجري : نصب على الحال منها، وأن تكون الواو للحال، واسم الإشارة مبتدأ، والأنهار صفة لاسم الإشارة، وتجري خبر للمبتدأ وليت شعري كيف ارتقت إلى دعوة الربوبية همة من تعظم بملك مصر، وعجب الناس من مدى عظمته، وأمر فنودي بها في أسواق مصر وأزقتها ؛ لئلا تخفي تلك الأَبَّهَة والجلالة على صغير ولا كبير وحتى يتربع في صدور الدهماء مقدار عزته وملكوته. وعن الرشيد : أنه لما قرأها قال : لأولينها أخس عبيدي، فولاها الخصيب، وكان على وضوئه. وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها، فخرج إليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال : أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال : أليس لي ملك مصر، والله لهي أقل عندي من أن أدخلها، فثنى عنانه ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ ﴾ أم هذه متصلة، لأنّ المعنى : أفلا تبصرون أم تبصرون، إلا أنه وضع قوله :﴿ أَنَا خَيْرٌ ﴾ موضع : تبصرون ؛ لأنهم إذا قالوا له : أنت خير، فهم عنده بصراء، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبب. ويجوز أن تكون منقطعة على : بل أأنا خير، والهمزة للتقرير،

__________


الصفحة التالية
Icon