ذكره في الآيتين قبلها. ويعضده قراءة ابن مسعود. والثاني : أن ينتصب آيات على الاختصاص بعد انقضاء المجرور معطوفاً على ما قبله أو على التكرير، ورفعها بإضمار هي : وقرىء :( واختلاف الليل والنهار ) بالرفع. وقرىء ( آية ) وكذلك وما يبث من دابة آية. وقرىء ( وتصريف الريح ) والمعنى : إنّ المنصفين من العباد إذا نظروا في السماوات والأرض النظر الصحيح، علموا أنها مصنوعة، وأنه لا بدّ لها من صانع، فآمنوا بالله وأقرّوا، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة إلى هيئة، وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان : ازدادوا إيماناً، وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس ؛ فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدّد في كل وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وحياة الأرض بها بعد موتها. ﴿ وَتَصْرِيفِ الرّيَاحِ ﴾ جنوباً وشمالاً وقبولاً ودبوراً : عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم، وسمى المطر رزقاً ؛ لأنه سبب الرزق ﴿ تَلْكَ ﴾ إشارة إلى الآيات المتقدّمة، أي : تلك الآيات آيات الله. و ﴿ نَتْلُوهَا ﴾ في محل الحال، أي : متلوة ﴿ عَلَيْكَ بِالْحَقّ ﴾ والعامل ما دل عليه تلك من معنى الإشارة. ونحوه :( هذا بعلي شيخاً ) وقرىء ( يتلوها ) بالياء ﴿ بَعْدَ اللَّهِ وَءايَاتِهِ ﴾ أي بعد آيات الله كقولهم : أعجبني زيد وكرمه، يريدون : أعجبني كرم زيد. ويجوز أن يراد : بعد حديث الله، وهو كتابه وقرآنه، كقوله تعالى ؛ ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ﴾ ( الزمر : ٢٣ ). وقرىء ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ بالتاء والياء.
! ٧ < ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ ءَايَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَائِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ * مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < الجاثية :( ٧ ) ويل لكل أفاك..... > > الأفاك : الكذاب، والأثيم : المتبالغ في اقتراف الآثام ﴿ يُصِرُّ ﴾ يقبل على كفره ويقيم عليه. وأصله من إصرار الحمار على العانة وهو أن ينحى عليها صارّ أذنيه ﴿ مُسْتَكْبِراً ﴾ عن الإيمان بالآيات والإذعان لما ينطق به من الحق، مزدرياً لها معجباً بما عنده. قيل : نزلت في النضر بن الحرث وما كان يشتري من أحاديث الأعاجم، ويغشل الناس بها عن استماع القرآن. والآية عامّة في كل ما كان مضارّاً لدين الله. فإن قلت : ما معنى ثم في قوله :﴿ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً ﴾ ؟ قلت : كمعناه في قول القائل :% ( يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورُها