% وذلك أنّ غمرات الموت حقيقة، بأن ينجو رائيها بنفسه ويطلب الفرار عنها. وأمّا زيارتها والإقدام على مزاولتها. فأمر مستبعد، فمعنى ثم : الإيذان بأن فعل المقدّم عليها بعدما رآها وعاينها ؛ شيء يستعبد في العادات والطباع، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق، من تليت عليه وسمعها : كان مستبعداً في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها ﴿ < ! - - ه ٤ س ٤٥ ش ٨ ن ٩ / ن ٩ - - > كَأَن ﴾ مخففة، والأصل كأنه لم يسمعها : والضمير ضمير الشأن، كما في قوله :% ( كَأَنْ ظَبْيَةً تعطو إِلَى نَاضِرِ السَّلَمْ % ومحل الجملة النصب على الحال. أي : يصير مثل غير السامع ﴿ < ! - - ه ٤ س ٤٥ ش ٩ ن ١ / ن ١ - - > وَإِذَا ﴾ بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها ﴿ اتَّخَذَهَا ﴾ أي اتخذ الآيات ﴿ هُزُواً ﴾ ولم يقل : اتخذه، للإشعار بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله تعالى على محمد ﷺ : خاض في الاستهزاء بجميع الآيات. ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه، ويحتمل : وإذا علم من آياتنا شيئاً يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملاً يتسلق به على الطعن والغميزة : افترصه واتخذ آيات الله هزواً، وذلك نحو افتراص ابن الزبعري قوله عز وجل :﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ﴾ ( الأنبياء : ٩٨ ) ومغالطته رسول الله ﷺ، وقوله : خصتمك. ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ؛ لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية :% ( نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا مُعَلَّقَة % أللَّهُ وَالْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ يَكْفِيَهَا ) %
حيث أراد عتبة. وقرىء :( علم أولئك ) إشارة إلى كل أفاك أثيم، لشموله الأفاكين. والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام. قال :% ( أَلَيْسَ وَرَائِي أَنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي % أَدِبُّ مَعَ الْوِلْدَانِ أَزْحَفُ كَالنَّسْرِ ) %
ومنه قوله عز وجل :﴿ مّن وَرَائِهِمْ ﴾ أي من قدّامهم ﴿ مَّا كَسَبُواْ ﴾ من الأموال في رحلهم ومتاجرهم ﴿ وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ من الأوثان.

__________


الصفحة التالية
Icon