الخروج عن القصد والانسلاخ من الحق. قال رؤبة :% ( فَوَاسِقاً عَنْ قَصْدِهَا جَوَائِرَا ;
وقرأ ابن مسعود :( فتثبتوا ) والتثبت والتبين : متقاربان، وهما طلب الثبات والبيان والتعرّف، ولما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والذين معه بالمنزلة التي لا يجسر أحد أن يخبرهم بكذب، وما كان يقع مثل ما فرط من الوليد إلا في الندرة. قيل : إن جاءكم بحرف الشك وفيه أنّ على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة، لئلا يطمع فاسق في مخاطبتهم بكلمة زور ﴿ ءانٍ ﴾ مفعول له، أي : كراهة إصابتكم ﴿ تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ ﴾ حال، كقوله تعالى :﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ ﴾ ( الأحزاب : ٢٥ ) يعني جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة. والإصباح : بمعنى الصيرورة. والندم : ضرب من الغم، وهو : أن تغتمّ على ما وقع منك تتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام، لأنه كلما تذكر المتندّم عليه راجعه من الندام : وهو لزام الشريب ودوام صحبته. ومن مقلوباته : أدمن الأمر أدامه. ومدن بالمكان : أقام به. ومنه : المدينة وقد تراهم يجعلون الهم صاحباً ونجياً وسميراً وضجيعاً، وموصوفاً بأنه لا يفارق صاحبه. الجملة المصدّرة بلولا تكون كلاماً مستأنفاً، لأدائه إلى تنافر النظم، ولكن متصلاً بما قبله حالاً من أحد الضميرين في فيكم المستتر المرفوع، أو البارز المجرور. وكلاهما مذهب سديد. والمعنى : أن فيكم رسول الله على حالة يجب عليكم تغييرها. أو أنتم على حالة يجب عليكم تغييرها : وهي أنكم تحاولون منه أن يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعنّ لكم من رأى، واستصواب فعل المطواع لغيره التابع له فيما يرتثيه، المحتذى على أمثلته ؛ ولو فعل ذلك ﴿ لَعَنِتُّمْ ﴾ أي لوقعتم في العنت والهلاك. يقال :

__________


الصفحة التالية
Icon