﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ﴾ مجاز، والمراد : قرب علمه منه، وأنه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقاً لا يخفى عليه شيء من خفياته، فكأن ذاته قريبة منه، كما يقال : الله في كل مكان، وقد جل عن الأمكنة. وحبل الوريد : مثل في فرط القرب، كقولهم : هو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار. وقال ذو الرمة :% ( وَالْمَوْتُ أَدْنَى لي مِنَ الْوَرِيدِ ;
والحبل : العرق، شبه بواحد الحبال، ألا ترى إلى قوله :% ( كَأَنْ وَرِيدَيْهِ رشاءا خُلُبِ ;
والوريدان : عرقان مكتنفان لصفحتي العنق في مقدمهما متصلان بالوتين، يردان من الرأس إليه. وقيل : سمي وريداً لأنّ الروح ترده. فإن قلت : ما وجه إضافة الحبل إلى الوريد، والشيء لا يضاف إلى نفسه ؟ قلت : فيه وجهان، أحدهما : أن تكون الإضافة للبيان، كقولهم : بعير سانية. والثاني : أن يراد حبل العاتق فيضاف إلى الوريد، كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد ) كما لو قيل : حبل العلياء مثلاً.
! ٧ < ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ > ٧ !
< < ق :( ١٧ ) إذ يتلقى المتلقيان..... > > ﴿إِذْ ﴾ منصوب بأقرب، وساغ ذلك لأنّ المعاني تعمل في الظرف متقدّمة ومتأخرة، والمعنى : أنه لطيف يتوصل علمه إلى خطرات النفس وما لا شيء أخفى منه، وهو أقرب من الإنسان من كل قريب حين يتلقى الحفيظان ما يتلفظ به، إيذاناً بأن استحفاظ الملكين أمر هو غني عنه ؛ وكيف لا يستغني عنه وهو مطلع على أخفى الخفيان ؟ وإنما ذلك لحكمة اقتضت ذلك : وهي ما في كتبة الملكين وحفظهما، وعرض صحائف العمل يوم يقوم الأشهاد. وعلم العبد بذلك مع علمه بإحاطة الله بعمله. من زيادة لطف له في الانتهاء عن السيئات والرغبة في الحسنات. وعن النبي صلى الله عليه وسلم

__________


الصفحة التالية
Icon