} وتبعه قوله :﴿ قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾ وتلاه :﴿ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ ﴾ ( ق : ٢٨ ) : علم أنّ ثم مقاولة من الكافر، لكنها طرحت لما يدل عليها، كأنه قال : رب هو أطغاني، فقال قرينه : ربنا ما أطغيته. وأمّا الجملة الأولى فواجب عطفها للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول، أعني مجيء كل نفس مع الملكين : وقول قرينه ما قال له :﴿ مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾ ما جعلته طاغياً، وما أوقعته في الطغيان، ولكنه طغى واختار الضلالة على الهدى كقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى ﴾ ( إبراهيم : ٢٢ ).
! ٧ < ﴿ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ > ٧ !
< < ق :( ٢٨ ) قال لا تختصموا..... > > ﴿قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ ﴾ استئناف مثل قوله :﴿ قَالَ قرِينُهُ ﴾ ( ق : ٢٧ ) كأن قائلاً قال : فماذا قال الله ؟ فقيل : قال لا تختصموا. والمعنى : لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته، وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي، فما تركت لكم حجة عليَّ، ثم قال : لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به ﴿ وَمَا أَنَاْ بِظَلَّامٍ لّلْعَبِيدِ ﴾ ( البقرة : ١٩٥ ) فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب. والباء في ﴿ بِالْوَعِيدِ ﴾ مزيدة مثلها في ﴿ وَلاَ * تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ أو معدية، على أن ( قدّم ) مطاوع بمعنى ( تقدّم ) ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله :﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ ولأن بالوعيد حالاً، أي : قدّمت إليكم هذا ملتبساً بالوعيد مقترناً به. أو قدّمته إليكم موعداً لكم به. فإن قلت : إنّ قوله :﴿ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم ﴾ واقع موقع الحال من ﴿ لاَ تَخْتَصِمُواْ ﴾ والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعها في زمان واحد واجب. قلت : معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد، وصحة ذلك عندهم في الآخرة، فإن قلت :

__________


الصفحة التالية
Icon