الشام، فقال : لآيتين محمداً فلأوذينه ؛ فأتاه فقال : يا محمد، هو كافر بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم تفل في وجه رسول الله ﷺ وردّ عليه ابنته وطلقها، فقال رسول الله ﷺ : اللهم سلط عليه كلباً من كلابك، وكان أبو طالب حاضراً، فوجم لها وقال : ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة ا فرجع عتبة إلى أبيه، فأخبره، ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلاً، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم : إن هذه أرض مسبعة، فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة، فإني أخاف على ابني دعوة محمد، فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم ؛ وأحدقوا بعتبة، فجاء الأسد يتشمم وجوههم، حتى ضرب عتبة فقتله. وقال حسان :% ( مَنْ يَرْجِعُ الْعَامَ إِلى أَهْلِه % فَمَا أَكِيلُ السَّبْعِ بِالرَّاجِع ) %
﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ﴾ يعني محمداً ﷺ : والخطاب لقريش، وهو جواب القسم، والضلال : نقيض الهدى، والغي نقيض الرشد، أي : هو مهتد راشد وليس كما تزعمون من نسبتكم إياه إلى الضلال والغي، وما أتاكم به من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ورأيه، وإنما هو وحي من عند الله يوحي إليه. ويحتج بهذه الآية من لا يرى الاجتهاد للأنبياء، ويجاب بأنّ الله تعالى إذا سوّغ لهم الاجتهاد، كان الاجتهاد وما يستند إليه كله وحياً لا نطقاً عن الهوى ﴿ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ ملك شديد قواه، والإضافة غير حقيقية، لأنها إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، وهو جبريل عليه السلام، ومن قوّته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود، وحملها على جناحه، ورفعها إلى السماء ثم قلبها، وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين، وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده في أوحى من رجعة الطرف، ورأى إبليس يكلم عيسى عليه السلام على بعض عقاب الأرض المقدّسة، فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند ﴿ ذُو مِرَّةٍ ﴾ ذو حصافة في عقله ورأيه ومتانة في دينه ﴿ فَاسْتَوَى ﴾ فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي ؛ وكان ينزل في صورة دحية، وذلك :
( ١٠٩٨ ) أنّ رسول الله ﷺ أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها، فاستوى له