جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال، فيغمسون فيه حتى تنخلع أوصالهم ؛ ثم يخرجون منه وقد أحدث الله لهم خلقاً جديداً. وقرىء :( يطوّفون ) من التطويف. ويطوّفون، أي : يتطوّفون ويطافون. وفي قراءة عبد الله :( هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليان لا تموتان فيها ولا تحييان يطوفون بينهما ) ونعمة الله فيما ذكره من هول العذاب : نجاة الناجي منه برحمته وفضله، وما في الإنذار به من اللطف.
! ٧ < ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ > ٧ !
< < الرحمن :( ٤٦ ) ولمن خاف مقام..... > > ﴿مَقَامَ رَبّهِ ﴾ موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( المطففين : ٦ ) ونحوه :﴿ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى ﴾ ( إبراهيم : ١٤ ) ويجوز أن يراد بمقام ربه : أن الله قائم عليه ؛ أي : حافظ مهيمن من قوله تعالى :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ ( الرعد : ٣٣ ) فهو يراقب ذلك فلا يجسر على معصيته. وقيل : هو مقحم كما تقول : أخاف جانب فلان، وفعلت هذا لمكانك. وأنشد :% ( ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطَا وَنَفَيْتُ عَنْه % مَقَامَ الذئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ ) %
يريد : ونفيت عنه الذئب. فإن قلت : لم قال :﴿ جَنَّتَانِ ﴾ ؟ قلت : الخطاب للثقلين ؛ فكأنه قيل : لكل خائفين منكما جنتان : جنة للخائف الإنسي، وجنة للخائف الجني. ويجوز أن يقال : جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي ؛ لأن التكليف دائر عليهما وأن يقال : جنة يثاب بها، وأخرى تضم إليها على وجه التفضل، كقوله تعالى :﴿ لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ ( يونس : ٢٦ ) خص الأفنان بالذكر : وهي الغصنة التي تتشعب من فروع الشجرة : لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتني الثمار. وقيل : الأفنان ألوان النعم ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. قال :% ( وَمِنْ كُلِّ أَفْنَانِ اللَّذَاذَةِ وَالصَّبَا % لَهَوْتُ لَهَوْتُ بِهِ وَالْعَيْشُ أَخْضَرُ نَاضِرُ ) %
﴿ عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾ حيث شاءوا في الأعالي والأسافل. وقيل : تجريان من جبل من

__________


الصفحة التالية
Icon