وشعري شعري
كأنه قال : وشعري ما انتهى إليك وسمعت بفصاحته وبراعته، وقد جعل السابقون تأكيداً. وأولئك المقرّبون : خبراً وليس بذاك : ووقف بعضهم على : والسابقون ؛ وابتدأ السابقون أولئك المقرّبون، والصواب أن يوقف على الثاني، لأنه تمام الجملة، وهو في مقابلة : ما أصحاب الميمنة، وما أصحاب المشأمة ﴿ المقربون ﴾ الذين قربت درجاتهم في الجنة من العرش وأعليت مراتبهم. وقرىء :( في جنة النعيم ) والثلة : الأمة من الناس الكثيرة. قال :% ( وَجَاءَتْ إلَيْهِمْ ثُلَّةٌ خِنْدِفِيَّة % بِجَيْشٍ كَتَيَّارٍ مِن السَّيّلِ مُزْبِدِ ) %
وقوله عز وجل :﴿ وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ﴾ كفى به دليلاً على الكثرة، وهي من الثل وهو الكسر، كما أنّ الأمّة من الأمّ وهو الشج، كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم. والمعنى : أنّ السابقين من الأوّلين كثير، وهم الأمم من لدن آدم عليه السلام إلى محمد ﷺ ﴿ وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ﴾ وهم أمّة محمد ﷺ. وقيل :﴿ مّنَ الاْوَّلِينَ ﴾ من متقدّمي هذه الأمة، و ﴿ مّنَ الاْخِرِينَ ﴾ من متأخريها. وعن النبي ﷺ :
( ١١٢٠ ) ( الثلثان جميعاً من أمّتي ). فإن قلت : كيف قال : وقليل من الآخرين، ثم قال :﴿ وَثُلَّةٌ مّنَ الاْخِرِينَ ﴾ ؟ قلت : هذا في السابقين وذلك في أصحاب اليمين ؛ وأنهم يتكاثرون من الأولين والآخرين جميعاً. فإن قلت : فقد روى أنها لما نزلت شق ذلك على المسلمين، فما زال رسول الله ﷺ يراجع ربه حتى نزلت ﴿ ثَالِثُ * مّنَ الاْوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مّنَ الاْخِرِينَ ﴾ ( الواقعة : ٣٩ ٤٠ ). قلت : هذا لا يصح لأمرين، أحدهما : أنّ هذه الآية واردة في السابقين وروداً ظاهراً، وكذلك الثانية في أصحاب اليمين. ألا ترى كيف عطف أصحاب اليمين ووعدهم، على السابقين ووعدهم، والثاني : أنّ النسخ في الأخبار غير جائز وعن الحسن رضي الله عنه : سابقو الأمم أكثر من سابقي أمّتنا، وتابعو الأمم مثل

__________


الصفحة التالية
Icon