﴿ سَابِقُواْ ﴾ سارعوا مسارعة المسابقين لأقرانهم في المضمار، إلى جنة ﴿ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالاْرْضِ ﴾ قال السدي : كعرض سبع السموات وسبع الأرضين، وذكر العرض دون الطول ؛ لأنّ كل ماله عرض وطول فإنّ عرضه أقل من طوله، فإذا وصف عرضه بالبسطة : عرف أنّ طوله أبسط وأمدّ. ويجوز أن يراد بالعرض : البسطة، كقوله تعالى :﴿ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ ﴾ ( فصلت : ٥١ ) لما حقر الدنيا وصغر أمرها وعظم أمر الآخرة : بعث عباده على المسارعة إلى نيل ما وعد من ذلك : وهي المغفرة المنجية من العذاب الشديد والفوز بدخول الجنة ﴿ ذَلِكَ ﴾ الموعود من المغفرة والجنة ﴿ فَضَّلَ اللَّهُ ﴾ عطاؤه ﴿ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ﴾ وهم المؤمنون.
! ٧ < ﴿ مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الاٌّ رْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ ﴾ > ٧ !
< < الحديد :( ٢٢ ) ما أصاب من..... > > المصيبة في الأرض : نحو الجدب وآفات الزروع والثمار. وفي الأنفس : نحو الأدواء والموت ﴿ فِى كِتَابِ ﴾ في اللوح ﴿ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ﴾ يعني الأنفس أو المصائب ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾ إنّ تقدير ذلك وإثباته في كتاب ﴿ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ وإن كان عسيراً على العباد، ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه فقال :﴿ لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ وَلاَ تَفْرَحُواْ ﴾ يعني أنكم إذا علمتم أنّ كل شيء مقدر مكتوب عند الله قلّ أساكم على الفائت وفرحكم على الآتي ؛ لأنّ من علم أن ما عنده معقود لا محالة : لم يتفاقم جزعه عند فقده، لأنه وطن نفسه على ذلك، وكذلك من علم أنّ بعض الخير واصل إليه، وأن وصوله لا يفوته بحال : لم يعظم فرحه عند نيله ﴿ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ لأنّ من فرح بحظ من الدنيا وعظم في نفسه : اختال وافتخر به وتكبر على الناس. قرىء :( بما آتاكم ) وأتاكم، من الإيتاء والإتيان. وفي قراءة ابن مسعود ( بما أوتيتم ) فإن قلت : فلا أحد يملك نفسه عند مضرة تنزل به، ولا عند منفعة ينالها أن لا يحزن ولا يفرح. قلت : المراد : الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء ثواب الصابرين، والفرح المطغى الملهى عن الشكر ؛ فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام، والسرور بنعمة الله والاعتداد بها مع الشكر : فلا بأس بهما ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ﴾ بدل من قوله :﴿ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ كأنه قال : لا يحب الذين يبخلون، يريد : الذين يفرحون الفرح المطغى إذا رزقوا مالاً وحظاً من الدنيا فلحبهم له