:( علام تشتمني أنت وأصحابك ) ؟ فحلف بالله ما فعل، فقال عليه السلام :( فعلت ) فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما سبوه، فنزلت ﴿ عَذَاباً شَدِيداً ﴾ نوعاً من العذاب متفاقماً ﴿ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ يعني أنهم كانوا في الزمان الماضي المتطاول على سوء العمل مصرين عليه. أو هي حكاية ما يقال لهم في الآخرة. وقرىء :( إيمانهم ) بالكسر، أي : اتخذوا أيمانهم التي حلفوا بها. أو إيمانهم الذي أظهروه ﴿ جُنَّةً ﴾ أي سترة يتسترون بها من المؤمنين ومن قتلهم ﴿ فَصَدُّواْ ﴾ الناس في خلال أمنهم وسلامتهم ﴿ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ وكانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويضعفون أمر المسلمين عندهم. وإنما وعدهم الله العذاب المهين المخزي لكفرهم وصدهم، كقوله تعالى :﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ ﴾ ( النحل : ٨٨ ). ﴿ مِنَ اللَّهِ ﴾ من عذاب الله ﴿ شَيْئاً ﴾ قليلاً من الإغناء. وروي أنّ رجلاً منهم قال : لنننصرنّ يوم القيامة بأنفسنا وأموالنا وأولادنا ﴿ فَيَحْلِفُونَ ﴾ لله تعالى على أنهم مسلمون في الآخرة ﴿ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ في الدنيا على ذلك ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَىْء ﴾ من النفع، يعني : ليس العجب من حلفهم لكم، فإنكم بشر تخفى عليكم السرائر، وأن لهم نفعاً في ذلك دفعاً عن أرواحهم واستجرار فوائد دنيوية، وأنهم يفعلونه في دار لا يضطرون فيها إلى علم ما يوعدون، ولكن العجب من حلفهم لله عالم الغيب والشهادة مع عدم النفع والإضطرار إلى علم ما أنذرتهم الرسل، والمراد : وصفهم بالتوغل في نفاقهم ومرونهم عليه، وأن ذلك بعد موتهم وبعثهم باق فيهم لا يضمحل، كما قال :﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ ( الأنعام : ٢٨ ) وقد اختلف العلماء في كذبهم في الآخرة، والقرآن ناطق بثباته نطقاً مكشوفاً. كما ترى في هذه الآية وفي قوله تعالى :﴿ وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ ( الأنعام : ٢٣ ٢٤ ) ونحو حسبانهم أنهم على شيء من النفع إذا حلفوا استنظارهم المؤمنين ليقتبسوا من نورهم، لحسبان أن الإيمان الظاهر مما ينفعهم. وقيل عند ذلك : يختم على أفواههم ﴿ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ يعني أنهم الغاية التي لا مطمح وراءها في قول الكذب، حيث استوت حالهم فيه في الدنيا والآخرة ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ﴾ استولى عليهم، من حاذ الحمار العانة إذا جمعها وساقها غالباً لها. ومنه : كان أحوذياً نسيج وحده، وهو أحد ما جاء على الأصل، نحو : استصوب واستنوق، أي : ملكهم ﴿ الشَّيْطَانِ ﴾ لطاعتهم له في كل ما يريده منهم، حتى جعلهم رعيته وحزبه ﴿ فَأَنسَاهُمْ ﴾ أن يذكروا الله أصلاً لا بقلوبهم ولا بألسنتهم. قال أبو عبيدة : حزب الشيطان جنده.