ونحوه قوله تعالى :﴿ كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالاْمْسِ ﴾ ( يونس : ٢٤ ) يريد : تقريب الزمان الماضي. وقيل : عبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران : يوم وغد. فإن قلت : ما معنى تنكير النفس والغد ؟ قلت : أما تنكير النفس فاستقلالاً للأنفس النواظر فيما تدمن للآخرة، كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك. وأما تنكير الغد فلتعظيمه وإبهام أمره، كأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه لعظمه. وعن مالك بن دينار : مكتوب على باب الجنة : وجدنا ما عملنا، ربحنا ما قدّمنا. خسرنا ما خلفنا ﴿ نَسُواْ اللَّهَ ﴾ نسوا حقه، فجعلهم ناسين حق أنفسهم بالخذلان، حتى لم يسعوا لها بما ينفعهم عنده. أو فأراهم يوم القيامة من الأهوال ما نسوا فيه أنفسهم، كقوله تعالى :﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾ ( إبراهيم : ٤٣ ).
! ٧ < ﴿ لاَ يَسْتَوِى أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَآئِزُونَ ﴾ > ٧ !
< < الحشر :( ٢٠ ) لا يستوي أصحاب..... > > هذا تنبيه للناس وإيذان لهم بأنهم لفرط غفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وتهالكهم على إيثار العاجلة وأتباع الشهوات : كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار والبون العظيم بين أصحابهما، وأن الفوز مع أصحاب الجنة ؛ فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه، كما تقول لمن يعق أباه : هو أبوك، تجعله بمنزلة من لا يعرفه، فتنبهه بذلك على حق الأبوّة الذي يقتضي البر والتعطف. وقد استدل أصحاب الشافعي رضي الله عنه بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر، وأن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالقهر.
! ٧ < ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَاذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الاٌّ مْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ ﴾ > ٧ !
< < الحشر :( ٢١ ) لو أنزلنا هذا..... > > هذا تمثيل وتخييل، كما مرّ في قوله تعالى :( إنا عرضنا الأمانة ) وقد دل عليه قوله :﴿ وَتِلْكَ الاْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ﴾ والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره. وقرىء :( مصدّعاً ) على الإدغام ﴿ وَتِلْكَ الاْمْثَالُ ﴾ إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل.
! ٧ < { هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ

__________


الصفحة التالية
Icon