لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } > ٧ !
< < الحاقة :( ٤٤ ) ولو تقول علينا..... > > التقوّل : افتعال القول، لأن فيه تكلفاً من المفتعل، وسمى الأقوال المتقولة ( أقاويل ) تصغيراً بها وتحقيراً، كقولك : الأعاجيب والأضاحيك، كأنها جمع أفعولة من القول والمعنى : ولو ادعى علينا شيئاً لم نقله لقتلناه صبراً، كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معاجلة بالسخط والانتقام، فصوّر قتل الصبر بصورته ليكون أهول : وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته. وخص اليمين عن اليسار لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف، وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف أخذ بيمينه ومعنى ﴿ لاخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ لأخذنا بيمينه، كما أن قوله ﴿ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ لقطعنا وتينه، وهذا بين، والوتين : نياط القلب وهو حبل الوريد : إذا قطع مات صاحبه. وقرىء :( ولو تقول ) على البناء للمفعول قيل ﴿ حَاجِزِينَ ﴾ في وصف أحد ؛ لأنه في معنى الجماعة، وهو اسم يقع في النفي العام مستوياً فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث. ومنه قوله تعالى :﴿ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ ﴾ ( البقرة : ٢٨٥ )، ﴿ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَاء ﴾ ( الأحزاب : ٣٢ )، والضمير في عنه للقتل، أي : لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه عنه. أو لرسول الله، أي : لا تقدرون أن تحجزوا عنه القاتل وتحولوا بينه وبينه ؛ والخطاب للناس، وكذلك في قوله تعالى :﴿ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ ﴾ وهو إيعاد على التكذيب. وقيل الخطاب للمسلمين. والمعنى : أن منهم ناساً سيكفرون بالقرآن ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ الضمير للقرآن ﴿ لَحَسْرَةٌ ﴾ على الكافرين به المكذبين له إذا رأوا ثواب المصدقين به. أو للتكذيب، وأن القرآن اليقين حق اليقين، كقولك : هو العالم حق العالم، وجدّ العالم. والمعنى : لعين اليقين، ومحض اليقين ﴿ فَسَبّحْ ﴾ اللَّه بذكر اسمه العظيم وهو قوله : سبحان اللَّه ؛ وأعبده شكراً على ما أهلك له من إيحائه إليك.
عن رسول اللَّه ﷺ :
( ١٢٢٥ ) ( من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله حساباً يسيراً ).

__________


الصفحة التالية
Icon