استسقيتا فقال : لقد استسقيت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر شبه الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطىء وعن الحسن : أنّ رجلاً شكا إليه الجدب فقال : استغفر الله ؛ وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له الربيع بن صبيح : أتاك رجال يشكون أبواباً ويسألون أنواعاً، فأمرتهم كلهم بالاستغفارا فتلا له هذه الآية. والسماء : المظلة ؛ لأنّ المطر منها ينزل إلى السحاب ؛ ويجوز أن يراد السحاب أو المطر، من قوله :
إذَا نَزَلَ السَّمَاءِ بِأَرْضِ قَوْمٍ
والمدرار : الكثير الدرور، ومفعال مما يستوى فيه المذكر والمؤنث، كقولهم : رجل أو امرأة معظارو متفال ﴿ جَنَّاتُ ﴾ بساتين ﴿ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ لا تأملون له توقيراً أي تعظيماً. والمعنى ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب، و ﴿ لِلَّهِ ﴾ بيان للموقر، ولو تأخر لكان صلة للوقار. وقوله :﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً ﴾ في موضع الحال، كأنه قال : ما لكم لا تؤمنون باللَّه والحال هذه وهي حال موجبة للإيمان به، لأنه خلقكم أطواراً : أي تارات : خلقكم أوّلا تراباً، ثم خلقكم نطفاً، ثم خلقكم علقاً، ثم خلقكم مضغاً، ثم خلقكم عظاماً ولحماً، ثم أنشأكم خلقاً آخر. أولا تخافون لله حلماً وترك معاجلة العقاب فتؤمنوا ؟ وقيل : ما لكم لا تخافون لله عظمة ؟ وعن ابن عباس : لا تخافون لله عاقبة، لأن العاقبة حال استقرار الأمور وثبات الثواب والعقاب، من ( وقر ) إذا ثبت واستقرّ. نبههم على النظر في أنفسهم أوّلاً ؛ لأنها أقرب منظور فيه منهم، ثم على النظر في العالم وما سوّى فيه من العجائب الشاهدة على الصانع الباهر قدرته وعلمه من السموات والأرض والشمس والقمر ﴿ فِيهِنَّ ﴾ في السموات، وهو في السماء الدنيا ؛ لأنّ بين السموات ملابسة من حيث أنها طباق فجاز أن يقال : فيهنّ كذا وإن لم يكن في جميعهنّ، كما يقال : في المدينة كذا وهو في بعض نواحيها. وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما : أنّ الشمس والقمر وجوههما مما

__________


الصفحة التالية
Icon