( قال ) للمتظاهرين عليه ﴿ إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّى ﴾ يريد : ما أتيتكم بأمر منكر، إنما أعبد ربي وحده ﴿ وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً ﴾ وليس ذاك مما يوجب إطباقكم على مقتى وعداوتي. أو قال للجن عند ازدحامهم متعجبين : ليس ما ترون من عبادتي الله ورفضي الإشراك به بأمر يتعجب منه، إنما يتعجب ممن يدعو غير الله ويجعل له شريكاً. أو قال الجن لقومهم ذلك حكاية عن رسول الله ﷺ ﴿ وَلاَ رَشَداً ﴾ ولا نفعاً أو أراد بالضر : الغيّ ويدل عليه قراءة أبيّ ( غياً ولا رشداً ) والمعنى لا أستطيع أن أضركم وأن أنفعكم، إنما الضارّ والنافع الله. أو لا أستطيع أن أقسركم على الغيّ والرشد، إنما القادر على ذلك الله عز وجل : و ﴿ إِلاَّ بَلاَغاً ﴾ استثناء منه. أي لا أملك إلا بلاغاً من الله و ﴿ قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى ﴾ جملة معترضة اعترض بها لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه، على معنى أنّ الله إن أراد به سوأ من مرض أو موت أو غيرهما : لم يصح أن يجيره منه أحد أو يجد من دونه ملاذا يأوي إليه : والملتحد الملتجأ، وأصله المدَّخل، من اللحد. وقيل : محيصاً ومعدلاً وقرىء ( قال لا أملك ) أي قال عبد الله للمشركين أو للجن. ويجوز أن يكون من حكاية الجن لقومهم. وقيل :( بلاغاً ) بدل من ﴿ مُلْتَحَدًا ﴾ أي : لن أجد من دونه منجى إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به. وقيل :﴿ إِلاَّ ﴾ هي ( أن لا ) ومعناه : أن لا أبلغ بلاغاً كقولك : إن لا قياماً فقعوداً ﴿ وَرِسَالَاتِهِ ﴾ عطف على بلاغاً، كأنه قيل : لا أملك لكم إلا التبليغ

__________


الصفحة التالية
Icon