والرسالات. والمعنى : إلا أن أبلغ عن الله فأقول : قال الله كذا، ناسباً لقوله إليه، وأن أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان. فإن قلت : ألا يقال : بلغ عنه ومنه قوله عليه الصلاة والسلام.
( ١٢٣٦ ) ( بلغوا عني بلغوا عني ) ؟ قلت : من ليست بصلة للتبليغ، إنما هي بمنزلة من في قوله :﴿ بَرَاءةٌ مّنَ اللَّهِ ﴾ ( التوبة : ١ ) بمعنى بلاعاً كائناً من الله. وقرىء ( فأن له نار جهنم ) على : فجزاؤه أنّ له نار جهنم كقوله :﴿ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ ﴾ ( الأنفال : ٤١ ) أي : فحكمه أنّ لله خمسه. وقال :﴿ خَالِدِينَ ﴾ حملا على معنى الجمع في من. فإن قلت : بم تعلق ( حتى )، وجعل ما بعده غاية له ؟ قلت : بقوله :﴿ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ﴾ ( الجن : ١٩ ) على أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة، ويستضعفون أنصاره ويستقلون عددهم ﴿ حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ ﴾ من يوم بدر وإظهار الله له عليهم. أو من يوم القيامة ﴿ فَسَيَعْلَمُونَ ﴾ حينئذ أنهم ﴿ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ﴾ ويجوز أن يتعلق بمحذوف دلت عليه الحال : من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده، كأنه قال : لا يزالون على ما هم عليه ﴿ حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ ﴾ قال المشركون : متى يكون هذا الموعود ؟ إنكاراً له، فقيل ﴿ قُلْ ﴾ إنه كائن لا ريب فيه، فلا تنكروه ؛ فإن الله قد وعد ذلك وهو لا يخلف الميعاد. وأما وقته فما أدري متى يكون ؛ لأنّ الله لم يبينه لما رأى في إخفاء وقته من المصلحة. فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّى أَمَداً ﴾ والأمد يكون قريباً وبعيداً ألا ترى إلى قوله :﴿ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا ﴾ ( آل عمران : ٣٠ ) ؟ قلت : كان رسول الله ﷺ يستقرب الموعد، فكأنه قال : ما أدري أهو حال متوقع في كل ساعة أم مؤجل ضربت له غاية أي : هو ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ ﴾ فلا يطلع و ﴿ مِن رَّسُولٍ ﴾ تبيين لمن ارتضى، يعني : أنه لا يطلع على الغيب إلا المرتضى الذي هو مصطفى للنبوة خاصة، لا كل مرتضى. وفي هذا إبطال للكرامات ؛ لأنّ الذين تضاف إليهم وإن كانوا أولياء مرتضين، فليسوا

__________


الصفحة التالية
Icon