تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيراً، أو طالباً للكثير : نهى عن الاستغزار : وهو أن يهب شيئاً وهو يطمع أن يتعوّض من الموهوب له أكثر من الموهوب، وهذا جائز. ومنه الحديث :
( ١٢٤٧ ) ( المستغزر يثاب من هبته ) وفيه وجهان، أحدهما : أن يكون نهياً خاصاً برسول الله ﷺ ؛ لأنّ الله تعالى اختار له أشرف الآداب وأحسن الأخلاق، والثاني : أن يكون نهى تنزيه لا تحريم له ولأمته وقرأ الحسن ( تستكثر ) بالسكون. وفيه ثلاثة أوجه : الإبدال من تمن. كأنه قيل : ولا تمنن لا تستكثر ؛ على أنه من المنّ في قوله عز وجل :( ثم لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذى ) لأنّ من شأن المنان بما يعطي أن يستكثره، أي : يراه كثيراً ويعتدّ به، وأن يشبه ثرو بعضد، فيسكن تخفيفاً، وأن يعتبر حال الوقف. وقرأ الأعمش بالنصب بإضمار ( أن ) كقوله :
أَلاَ أَيُّهذَا الزَّاجِرِى أحْضُرُ الْوَغَىء
وتؤيده قراءة ابن مسعود ( ولا تمنن أن تستكثر ) ويجوز في الرفع أن تحذف ( أن ) ويبطل عملها، كما روي : أحضر الوغى بالرفع، ﴿ وَلِرَبّكَ فَاصْبِرْ ﴾ ولوجه الله فاستعمل الصبر. وقيل : على أذى المشركين. وقيل : على أداء الفرائض. وعن النخعى : على عطيتك، كأنه وصله بما قبله، وجعله صبراً على العطاء من غير استكثار، والوجه أن يكون أمراً بنفس الفعل، وأن يتناول على العموم كل مصبور عليه ومصبور عنه، ويراد الصبر على أذى الكفار ؛ لأنه أحد ما يتناوله العام.
! ٧ < ﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ > ٧ !
< < المدثر :( ٨ ) فإذا نقر في..... > > والفاء في قوله :﴿ فَإِذَا نُقِرَ ﴾ للتسبيب، كأنه قال : أصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى فيه عاقبة صبرك عليه. والفاء في ﴿ فَذَلِكَ ﴾ للجزاء فإن قلت : بم انتصب إذا، وكيف صح أن يقع ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ ظرفاً ليوم عسير ؟ قلت : انتصب إذا بما دلّ عليه الجزاء، لأنّ المعنى : فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين، والذي أجاز وقوع ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ ظرفاً ليوم عسير : أنّ المعنى : فذلك وقت النقر وقوع يوم عسير، لأنّ يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور. واختلف في أنها النفخة الأولى أم الثانية. ويجوز أن يكون يومئذ مبنياً مرفوع المحل، بدلا من ﴿ ذالِكَ ﴾ و