﴿ عَسِيرٌ ﴾ خبر، كأنه قيل : فيوم النقر يوم عسير. فإن قلت : فما فائدة قوله :﴿ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ و ﴿ عَسِيرٌ ﴾ مغن عنه ؟ قلت : لما قال :﴿ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ فقصر العسر عليهم قال :﴿ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ ليؤذن بأن لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيراً هيناً، ليجمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشار المؤمنين وتسليتهم ويجوز أن يراد أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيراً، كما يرجى تيسر العسر من أمور الدنيا.
! ٧ < ﴿ ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كان لاٌّ يَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَاذَآ إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ > ٧ !
< < المدثر :( ١١ ) ذرني ومن خلقت..... > > ﴿وَحِيداً ﴾ حال من الله عز وجل على معنيين، أحدهما : ذرني وحدي معه، فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم. والثاني : خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد. أو حال من المخلوق على معنى : خلقته وهو وحيد فريد لا مال له ولا ولد، كقوله :﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ ( الأنعام : ٩٤ )، وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي وكان يلقب في قومه بالوحيد، ولعله لقب بذلك بعد نزول الآية ؛ فإن كان ملقباً به قبل فهو تهكم به وبلقبه، وتغيير له عن الغرض الذي كانوا يؤمونه من مدحه، والثناء عليه بأنه وحيد قومه لرياسته ويساره وتقدّمه في الدنيا إلى وجه الذم والعيب : وهو أنه خلق وحيداً لا مال له ولا ولد، فآتاه الله ذلك، فكفر بنعمة الله وأشرك به واستهزأ بدينه ﴿ مَّمْدُوداً ﴾ مبسوطاً كثيراً : أو ممدّاً بالنماء، من مدّ الهر ومدّ نهره آخر. قيل : كان له الزرع والضرع والتجارة. وعن ابن عباس : هو ما كان له بين مكة والطائف من صنوف الأموال. وقيل : كان له بستان بالطائف لا ينقطع ثماره صيفاً وشتاء. وقيل : كان له ألف مثقال. وقيل : أربعة آلاف وقيل تسعة آلاف وقيل : ألف ألف وعن ابن جريج : غلة شهر بشهر ﴿ وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾ حضوراً معه بمكة لا يفارقونه للتصرف في عمل أو تجارة، لأنهم مكفيون لوفور نعمة أبيهم واستغنائهم عن التكسب وطلب المعاش بأنفسهم، فهو مستأنس بهم لا يشتغل قلبه بغيبتهم، وخوف معاطب السفر عليهم ولا يحزن لفراقهم والاشتياق إليهم. ويجوز أن يكون معناه : أنهم رجال يشهدون معه المجامع والمحافل. أو تسمع شهادتهم فيما يتحاكم فيه. وعن مجاهد : كان له عشرة بنين. وقيل : ثلاثة عشر. وقيل : سبعة كلهم رجال : الوليد بن الوليد، وخالد، وعمارة، وهشام، والعاص، وقيس، وعبد شمس : أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، وعمارة

__________


الصفحة التالية
Icon