﴿ وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً ﴾ وبسطت له الجاه العريض والرياسة في قومه، فأتمت عليه نعمتي المال والجاه واجتماههما : هو الكمال عند أهل الدنيا. ومنه قول الناس : آدام الله تأييدك وتمهيدك، يريدون : زيادة الجاه والحشمة. وكان الوليد من وجهاء قريش وصناديدهم ؛ ولذلك لقب الوحيد وريحانة قريش ﴿ ثُمَّ يَطْمَعُ ﴾ استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه، يعنى أنه لا مزيد على ما أوتي سعة وكثرة وقيل : إنه كان يقول : إن كان محمد صادقاً فما خلقت الجنة إلا لي ﴿ كَلاَّ ﴾ ردع له وقطع لرجائه وطمعه ﴿ إِنَّهُ كان لاْيَاتِنَا عَنِيداً ﴾ تعليل للردع على وجه الاستئناف كأن قائلا قال : لم لا يزاد ؟ فقيل : إنه عاند آيات المنعم وكفر بذلك نعمته، والكافر لا يستحق المزيد : ويروى أنه ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله حتى هلك ﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ﴾ سأغشيه عقبة شاقة المصعد : وهو مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعد الذي لا يطاق وعن النبي ﷺ :
( ١٢٤٨ ) ( يكلف أن يصعد عقبة في النار كلما وضع عليها يده ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت، فإذا رفعها عادت ) وعنه عليه السلام :
( ١٢٤٩ ) ( الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي فيه كذلك أبداً )، ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ ﴾ تعليل للوعيد، كأن الله تعالى عاجله بالفقر بعد الغنى، والذل بعد العز في الدنيا بعناده، ويعاقب في الآخرة بأشدّ العذاب وأفظعه لبلوغه بالعناد غايته وأقصاه في تفكيره، وتسميته القرآن سحراً. ويجوز أن تكون كلمة الردع متبوعة بقوله :﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ﴾ ردّاً لزعمه أن الجنة لم تخلق إلا له ؛ وإخباراً بأنه من أشدّ أهل النار عذاباً، ويعلل ذلك بعناده، ويكون قوله :﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ ﴾ بدلاً من قوله :﴿ إِنَّهُ كان لاْيَاتِنَا عَنِيداً ﴾ بياناً لكنه عناده. ومعناه فكر ماذا يقول في القرآن ﴿ وَقَدَّرَ ﴾ في نفسه ما يقول وهيأه { فَقُتِلَ

__________


الصفحة التالية
Icon