( ١٢٦٥ ) ( من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل ) بدأ مخاطبته بالاستفهام الذي معناه العرض، كما يقول الرجل لضيفه : هل لك أن تنزل بنا، وأردفه الكلام الرقيق ليستدعيه بالتلطف في القول، ويستنزله بالمداراة من عتوه، كما أمر بذلك في قوله :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً ﴾ ( طه : ٤٤ )، ﴿ الاْيَةَ الْكُبْرَى ﴾ قلب العصا حية لأنها كانت المقدمة والأصل، والأخرى كالتبع لها ؛ لأنه كان يتقيها بيده، فقيل له : أدخل يدك في جيبك، أو أرادهما جميعاً، إلا أنه جعلهما واحدة ؛ لأن الثانية كأنها من جملة الأولى لكونها تابعة لها ﴿ فَكَذَّبَ ﴾ بموسى والآية الكبرى، وسماهما ساحراً وسحراً ﴿ وَعَصَى ﴾ الله تعالى بعد ما علم صحة الأمر، وأنّ الطاعة قد وجبت عليه ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ﴾ أي لما رأى الثعبان أدبر مرعوباً، يسعى : يسرع في مشيته. قال الحسن كان رجلاً طياشاً خفيفاً. أو تولى عن موسى يسعى ويجتهد في مكايدته، وأريد : ثم أقبل يسعى، كما تقول : أقبل فلان يفعل كذا، بمعنى : أنشأ يفعل، فوضع ﴿ أَدْبَرَ ﴾ موضع : أقبل ؛ لئلا يوصف بالإقبال ﴿ فَحَشَرَ ﴾ فجمع السحرة، كقوله :﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ ( الشعراء : ٥٣ ). ﴿ فَنَادَى ﴾ في المقام الذي اجتمعوا فيه معه. أو أمر منادياً في الناس بذلك. وقيل قام فيهم خطيباً فقال تلك العظيمة. وعن ابن عباس : كلمته الأولى :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَاهٍ غَيْرِى ﴾ ( القصص : ٣٨ ) والآخرة :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الاْعْلَى ﴾ ( النازعات : ٣٤ ). ﴿ نَكَالَ ﴾ هو مصدر مؤكد، كوعد الله، وصبغة الله ؛ كأنه قيل : نكل الله به نكال الآخرة والأولى والنكال بمعنى التنكيل، كالسلام بمعنى التسليم. يعني الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة. وعن ابن عباس : نكال كلمتيه الآخرة، وهي قوله :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الاْعْلَى ﴾ والأولى