القيامة ﴿ وَأَبْصَارِهِمْ ﴾ وما يقضي عليهم من الأسر والقتل والعذاب في الآخرة، فسوف ينصرونك وما يقضي لك من النصرة والتأييد والثواب في العاقبة. والمراد بالأمر بإبصارهم على الحال المنتظرة الموعودة : الدلالة على أنها كائنة واقعة لا محالة، وأنّ كينونتها قريبة كأنها قدام ناظريك. وفي ذلك تسلية له وتنفيس عنه. وقوله :﴿ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ للوعيد كما سلف لا للتبعيد.
! ٧ < ﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ * وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < الصافات :( ١٧٦ ) أفبعذابنا يستعجلون > > مثل العذاب النازل بهم بعد ما أنذروه فأنكروه بجيش أنذر بهجومه قومه بعض نصاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره، ولا أخذوا أهبتهم، ولا دبروا أمرهم تدبيراً ينجيهم، حتى أناخ بفنائهم بغتة، فشنّ عليهم الغارة وقطع دابرهم، وكانت عادة مغاوريهم أن يغيروا صباحاً، فسميت الغارة صباحاً وإن وقعت في وقت آخر، وما فصحت هذه الآية ولا كانت لها الروعة التي تحس بها ويروقك موردها على نفسك وطبعك، إلا لمجيئها على طريقة التمثيل، وقرأ ابن مسعود : فبئس صباح. وقرىء :( نزل بساحتهم ) على إسناده إلى الجار والمجرور كقولك : ذهب يزيد ونزل، على : ونزل العذاب. والمعنى : فساء صباح المنذرين صباحهم، واللام في المنذرين مبهم في جنس من أنذروا، لأنّ ساء وبئس يقتضيان ذلك. وقيل : هو نزول رسول الله ﷺ يوم الفتح بمكة. وعن أنس رضي الله عنه :
( ٩٥١ ) لما أتى رسول الله ﷺ خيبر كانوا خاجين إلى مزارعهم ومعهم المساحي قالوا : محمد والخميس، ورجعوا إلى حصنهم. فقال عليه الصلاة والسلام :( الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) وإنما ثنى ﴿ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ ﴾ ليكون تسلية على تسلية. وتأكيداً لوقوع الميعاد إلى تأكيد. وفيه فائدة زائدة وهي إطلاق الفعلين معاً عن التقييد بالمفعول، وأنه يبصروهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من صنوف المسرة وأنواع المساءة. وقيل : أريد بأحدهما عذاب الدنيا، وبالآخر عذاب الآخرة.

__________


الصفحة التالية
Icon