إشارة إلى الظرف المذكور، أعني : عند ذي العرش، على أنه عند الله مطاع في ملائكته المقرَّبين يصدرون عن أمره ويرجعون إلى رأيه. وقرىء ( ثم ) تعظيماً للأمانة. وبياناً لأنها أفضل صفاته المعدودة.
! ٧ < ﴿ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾ > ٧ !
< < التكوير :( ٢٢ ) وما صاحبكم بمجنون > > ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ ﴾ يعني : محمداً ﷺ ﴿ بِمَجْنُونٍ ﴾ كما تبهته الكفرة، وناهيك بهذا دليًلا على جلالة مكان جبريل عليه السلام وفضله على الملائكة، ومباينة منزلته أفضل الإنس محمد ﷺ : إذا وازنت بين الذكرين حين قرن بينهما، وقايست بين قوله :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ وبين قوله :﴿ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ رَءَاهُ بِالاٍّ فُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾ > ٧ !
< < التكوير :( ٢٣ ) ولقد رآه بالأفق..... > > ﴿وَلَقَدْ رَءَاهُ ﴾ ولقد رأى رسول اللَّه ﷺ جبريل ﴿ بِالاْفُقِ الْمُبِينِ ﴾ بمطلع الشمس الأعلى ﴿ وَمَا هُوَ ﴾ وما محمد على ما يخبر به من الغيب من رؤية جبريل والوحي إليه وغير ذلك ﴿ بِضَنِينٍ ﴾ بمتهم من الظنة وهي التهمة وقرىء ( بضنين ) من الضنّ وهو البخل أي : لا يبخل بالوحي فيزوى بعضه غير مبلغه ؛ أو يسأل تعليمه فلا يعلمه ؛ وهو في مصحف عبد الله بالظاء، وفي مصحف أبيّ بالضاد، وكان رسول الله ﷺ يقرأ بهما. وإتقان الفصل بين الضاد والظاء : واجب. ومعرفة مخرجيهما مما لا بد منه للقارىء، فإنّ أكثر العجم لا يفرّقون بين الحرفين وإن فرقوا ففرقا غير صواب، وبينهما بون بعيد ؛ فإن مخرج الضاد من أصل حافة اللسان، وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره، وكان عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أضبط يعمل بكلتا يديه، وكان يخرج الضاد من جانبي لسانه، وهي أحد الأحرف الشجرية أخت الجيم والشين، وأما الظاء فمخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا، وهي أحد الأحرف الذولقية أخت الذال والثاء. ولو استوى الحرفان لما ثبتت في هذه الكلمة قراءتان اثنتان واختلاف بين جبلين من جبال العلم والقراءة، ولما اختلف المعنى والاشتقاق والتركيب فإن قلت : فإن وضع المصلى أحد الحرفين مكان صاحبه. قلت : هو كواضع الذال مكان الجيم، والثاء مكان الشين، لأن التفاوت بني الضاد والظاء كالتفاوت بين أخواتهما ﴿ وَمَا هُوَ ﴾ وما القرآن { بِقَوْلِ شَيْطَانٍ

__________


الصفحة التالية
Icon