الآخرة، على أن يجعل في الملة الآخرة حالاً من هذا ولا تعلقه بما سمعنا كما في الوجهين. والمعنى : أنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا من الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله. ما ﴿ هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ﴾ أي : افتعال وكذب.
! ٧ < ﴿ أَءَنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بْل هُمْ فَى شَكٍّ مِّن ذِكْرِى بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُم مٌّ لْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى الاٌّ سْبَابِ * جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الاٌّ حَزَابِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٨ ) أأنزل عليه الذكر..... > > أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤوسائهم وينزل عليه الكتاب من بينهم كما قالوا :﴿ لَوْلاَ نُزّلَ هَاذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ ( الزخرف : ٣١ ) وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم من الحسد على ما أوتي من شرف النبوّة من بينهم ﴿ بْل هُمْ فَى شَكّ ﴾ من القرآن، يقولون في أنفسهم : إما وإما. وقولهم :﴿ إِنْ هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ﴾ كلام مخالف لاعتقادهم فيه يقولونه على سبيل الحسد ﴿ بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ ﴾ بعد فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد حينئذ، يعني : أنهم لا يصدقون به إلا أن يمسهم العذاب مضطرين إلى تصديقه ﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ ﴾ يعني : ما هم بمالكي خزائن الرحمة حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا، ويتخيروا للنبوّة بعض صناديدهم، ويترفعوا بها عن محمد عليه الصلاة والسلام. وإنما الذي يملك الرحمة وخزائنها : العزيز القاهر على خلقه، الوهاب الكثير المواهب المصيب بها مواقعها، الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته وعدله، كما قال :﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا ﴾ ( الزخرف : ٣٢ ) ثم رشح هذا المعنى فقال :﴿ أَمْ لَهُم مٌّ لْكُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ ﴾ حتى يتكلموا في الأمور الربانية والتدابير الإلاهية التي يختص بها ربّ العزّة والكبرياء، ثم تهكم بهم غاية التهكم فقال : وإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف في قسمة