) %
يريد : جاءني بحجاج لم أقدر أن أورد عليه ما أردّه به. وأراد بالخطاب : مخاطبة المحاج المجادل : أو أراد : خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطاباً، أي ؛ غالبني في الخطبة فغلبني، حيث زوّجها دوني. وقرىء :( وعازني ) من المعازة وهي المغالبة. وقرأ أبو حيوة :( وعزني ) بتخفيف الزاي طلباً للخفة، وهو تخفيف غريب، وكأنه قاسه على نحو : ظلت، ومست. فإن قلت : ما معنى ذكر النعاج ؟ قلت : كأن تحاكمهم في نفسه تمثيلاً وكلامهم تمثيلاً ؛ لأنّ التمثيل أبلغ في التوبيخ لما ذكرنا، وللتنبيه على أمر يستحيا من كشفه، فيكنى عنه كما يكنى عما يستمسج الإفصاح به، وللستر على داود عليه السلام والاحتفاظ بحرمته. ووجه التمثيل فيه أن مثلت قصة أوريا مع داود بقصة رجل له نعجة واحدة ولخليطه تسع وتسعون، فأراد صاحبه تتمة المائة فطمع في نعجة خليطه وأراده على الخروج من ملكها إليه، وحاجه في ذلك محاجة حريص على بلوغ مراده، والدليل عليه قوله :﴿ وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الْخُلَطَاء ﴾ ( ص : ٢٤ ) وإنما خصّ هذه القصة لما فيها من الرمز إلى الغرض بذكر النعجة. فإن قلت : إنما يستقيم طريقة التمثيل إذا فسرت الخطاب بالجدال، فإن فسرته بالمفاعلة من الخطبة لم يستقم. قلت : الوجه مع هذا التفسير أن أجعل النعجة استعارة عن المرأة، كما استعاروا لها الشاة في نحو قوله :% ( يَا شَاةُ مَا قَنَصٌ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ % فَرَمَيْتُ غَفْلَةَ عَيْنِهِ عَنْ شَاتِهِ ) %
وشبهها بالنعجة من قال :% ( كَنِعَاجِ الْمَلاَ تَعَسَّفْنَ رَمْلاَ ;
لولا أنّ الخلطاء تأباه، إلاّ أن يضرب داود الخلطاء ابتداء مثلاً لهم ولقصتهم.

__________


الصفحة التالية
Icon