وحين يقول الله سبحانه: ﴿أتى أَمْرُ الله﴾ نفهم أن ﴿أتى أَمْرُ الله﴾ نسبة كلامية سبقتها نسبة واقعية.
وقوله سبحانه بعد ذلك: ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ يدل على أن الأمر لم يقع، ولكن المتكلم هنا هو الله سبحانه وتعالى.
والمعنى أن الأمر واقع لا محالة؛ ذلك لأن كل فعل إنما ينسب لقوة الفاعل.
ومثال ذلك من حياتنا ولله المثل الأعلى أنك قد ترغب في أن تنقل حقيبة ضخمة وثقيلة، فيقول ابنك الشاب: دعني أحملها لك، وهو يقول ذلك لأنه قادر على أن يحملها في زمن يناسب قوته.
وإن جاءك ابنك الصغير وقال: سأحملها أنا. فهو لن يحمل الحقيبة إلا في مقدار زمن يناسب قوته، وهي قوة ضعيفة.
إذن: ففي المجال البشري أنت تحكم على الماضي، وقد يكون الحكم صادقاً أو كاذباً، ولكنك بالنسبة لأمر مستقبل، لا تستطيع أن حكم عليه؛ لأنك لا تملك من المستقبل شيئاً.
أما إذا كان قائل الكلام قادراً على إنفاذ ما يقوله الآن في المستقبل، ولا عائق يعوقه، فاعلم أن الأمر قادم لا محالة.
وهنا نجد الإخبار من الله سبحانه وتعالى، ولا شيء في الكون يتأبَّى على الله سبحانه.
وما دام الحق سبحانه قد قال إنه أمرٌ قد أتى، فهو آتٍ لا محالة.


الصفحة التالية
Icon