فالواحد مِنَّا قد يمرض، أو تزول عنه أعراض الثروة أو الجاه، فصفات وكمالات الكبر ليست ذاتية في أيٍّ مِنَّا؛ وقد تُسلب ممَّنْ فاء الله عليه بها؛ ولذلك يصبح من اللائق أن يتواضعَ كُلٌّ مِنَّا، وأنْ يستحضرَ ربَّه، وأنْ يتضاءلَ أمام خالقه.
فالحق سبحانه وحده هو صاحب الحق في التكبُّر؛ وهو سبحانه الذي تبلغ صفاته ومُقوِّماته منتهى الكمال، وهي لا تزول عنه أبداً.
ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: ﴿لاَ جَرَمَ أَنَّ الله... ﴾.
وساعة نرى ﴿لاَ جَرَمَ﴾ فمعناها أنَّ ما يأتي بعدها هو حَقٌّ ثابت، ف «لا» نافية، و «جرم» مأخوذة من «الجريمة»، وهي كَسْر شيء مُؤْمَن به لسلامة المجموع. وحين نقول «لا جرم» أي: أن ما بعدها حَقٌّ ثابت.
وما بعد ﴿لاَ جَرَمَ﴾ هنا هو: أن الله يعلم ما يُسِرون وما يُعلِنون.
وكُلُّ آيات القرآن التي ورد فيها قوله الحق ﴿لاَ جَرَمَ﴾ تُؤدِّي هذا المعنى، مثل قوله الحق: ﴿لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النار وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ﴾ [النحل: ٦٢].