وقد كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو المتخلِّق بأخلاق الله إذا سلَّم على أحد لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده.
وقوله: ﴿لَيْلاً.
.﴾ [الإسراء: ١].
سبق أن قُلْنا: إن السُّرى هو السير ليلاً، فكانت هذه كافية للدلالة على وقوع الحدث ليلاً، ولكن الحق سبحانه أراد أنْ يؤكد ذلك، فقد يقول قائل: لماذا لم يحدث الإسراء نهاراً؟
نقول: حدث الإسراء ليلاً، لتظلَّ المعجزة غَيْباً يؤمن به مَنْ يصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فلو ذهب في النهار لرآه الناس في الطريق ذهاباً وعودة، فتكون المسألة إذن حِسيّة مشاهدة لا مجالَ فيها للإيمان بالغيب.
لذلك لما سمع أبو جهل خبر الإسراء طار به إلى المسجد وقال: إن صاحبكم يزعم أنه أُسْرِي به الليلة من مكة إلى بيت المقدس، فمنهم مَنْ قلّب كفَّيْه تعجُّباً، ومنهم مَنْ أنكر، ومنهم مَن ارتد.
أما الصِّدِّيق أبو بكر فقد استقبل الخبر استقبالَ المؤمن المصدِّق، ومن هذا الموقف سُمِّي الصديق، وقال قولته المشهورة: «إن كان قال فقد صدق».