هذه الحواس هي منافذ العلم والإدراك للإنسان، فلو وضعتَ أصبعك أمام عين الطفل المولود تراه لا يرمش؛ لأنه لا يرى إلا بعد ثلاثة إلى عشرة أيام، أما لو صرختَ في أُذنه فإنه ينتبه فحاسة السمع تؤدي مهمتها منذ ولادته. وكذلك فالأذن تمتاز أيضاً بأنها الإدراك الوحيد الذي لا يتعطل ولا يتوقف أثناء النوم لأن بها يتم الاستدعاء من النوم.
وهؤلاء الفتية دخلوا وأَوَوْا إلى الكهف، وهو فَجْوة في جبل في صحراء وهي عُرْضة للعواصف والرياح وأصوات الحيوانات وأشياء كثيرة يمكن أن تزعج النائم، فلو تركهم الخالق سبحانه في نومهم هذا على طبيعتهم لأزعجتهم هذه الأصوات وأقلقتْ راحتهم؛ لذلك عطّل حاسة السمع عندهم، وبذلك استطاعوا أن يناموا كل هذه المدة.
ثم يقول تعالى: ﴿فِي الكهف سِنِينَ عَدَداً﴾ [الكهف: ١١] ومعنى عدداً أي: سنين كثيرة؛ لأن القليل لا يُعَدُّ لأنه معروف، فإنْ ذكر العدّ فاعلم أنه للشيء الكثير، كما تقول: فلان عنده مليون عَدّاً ونقداً.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً﴾.