و «مجْمَع البحرين» أي: موضع التقائهما، حيث يصيران بحراً واحداً، كما يلتقي مثلاً دجلة والفرات في شَطِّ العرب.
وقوله: ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾ [الكهف: ٦٠]
الحُقُب: جمع حِقْبة، وهي الفترة الطويلة من الزمن، وقد قدَّروها بحوالي سبعين أو ثمانين سنة، فإذا كان أقل الجمع ثلاثة، فمعنى ذلك أن يسير موسى عليه السلام مائتين وعشرة سنين، على اعتبار أن الحِقْبة سبعون سنة.
ويكون المعنى: لا أترك السير إلى هذا المكان ولو سِرْتُ مائتين وعشرة سنين؛ لأن موسى عليه السلام كان مَشُوقاً إلى رؤية هذا الرجل الأعلم منه، كيف وهو النبي الرسول الذي أوحى الله إليه؛ لذلك أخبره ربه أن عِلْم هذا الرجل علم من لدنا، علم من الله لا من البشر.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا... ﴾.
﴿بَلَغَا﴾ أي: موسى وفتاه ﴿مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ أي: مجمع البحرين ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ أي: حدث النسيان منهما معاً، وإنْ كان حمل الحوت منوطاً بفتى موسى وقد نسيه، فكان على موسى أنْ يُذكِّره به، فرئيس القوم لا بُدَّ أن يتنبه لكل جزئية من جزئيات الرَّكْب، وكانت العادة أنْ يكون هو آخر المبارحين للمكان ليتفقده وينظر لعل واحداً نسى شيئاً، إذن: كان على موسى أن يعقب ساعة قيامهم لمتابعة السير، ويُذكِّر فتاهُ بما معهم من لوازم الرحلة.