مسامحته وعدم مؤاخذته ﴿وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً﴾ [الكهف: ٧٣] أي: لا تُحمِّلني من أمر اتباعك عُسْراً ومشقة. فسامحه الخضر وعاود السير.
تلاحظ أن الاعتداء الأول من الخضر كان على مال أتلفه، وهنا صعَّد الأمر إلى قَتْل نفس زكية دون حق، فبأيِّ جريرة يُقتل هذا الغلام الذي لم يبلغ رُشْده؟ لذلك قال في الأولى: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً﴾ [الكهف: ٧١] أي عجيباً أما هنا فقال: ﴿لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً﴾ [الكهف: ٧٤] أي: مُنكَراً؛ لأن الجريمة كبيرة.
والنفس الزكية: الطاهرة الصافية التي لم تُلوِّثها الذنوب ومخالفة التكاليف الإلهية.
وكذلك يأتي الرد من الخضْر مخالفاً للرد الأول، ففي المرة الأولى قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ [الكهف: ٧٢]
أي: قلت كلاماً عاماً، أما هنا فقال: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾.
وأكَّدها وأرده بالكلام أي: قُلْت لك أنت.
ثم بعد المرة الثانية التي يقاطع فيها موسى معلمه الخضر يأخذ عهداً جديداً على نفسه.
وهكذا قطع موسى عليه السلام الطريق على نفسه، وأعطى