تكون له حياة أخرى تناسب تكريمَ الله له، هذه الحياة الأخرى الدائمة الباقية يقول عنها القرآن: ﴿وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٤].
﴿لَهِيَ الحيوان﴾ أي: الحياة الحقيقية، أما حياتك الدنيا فهي مُهدّدة بالموت حتى لو بلغتَ من الكبر عتياً، فنهايتك إلى الموت، فإنْ أردتَ الحياة الحقيقية التي لا يُهدِّدها موت فهي في الآخرة.
فإذا كان الخالق تبارك وتعالى جعل لك روحاً في الدنيا تتحرك بها وتناسب مُدّة بقائك فيها، ألاَ يجعل لك في الآخرة رُوحاً تناسبها، تناسب بقاءها وسَرْمديتها، والقرآن حينما يتحدث عن هذه الروح يقول للناس: ﴿ياأيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤] فكيف يدعوهم لما يُحييهم ويُخاطبهم وهم أحياء؟ نعم، هم أحياء الحياة الدنيا، لكنه يدعوهم إلى حياة أخرى دائمة باقية، أما مَنْ لم يستجب لهذا النداء ويسعى لهذه الحياة فلن يأخذ إلا هذه الحياة القصيرة الفانية التي لا بقاءَ لها.
وكما سمَّى الله السِّرَّ الذي ينفخه في المادة فتدبّ فيها الحركة والحياة «روحاً»، كذلك سمَّى القيم التي تحيا بها النفوس حياة سعيدة «روحاً»، كما قال تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: ٥٢] أي: القرآن الكريم.
كما سَمَّى الملَك الذي ينزل بالروح رُوحاً: ﴿نَزَلَ بِهِ الروح الأمين﴾ [الشعراء: ١٩٣] وهو جبريل عليه السلام.