فإياك أنْ تصغي إليهم حين يصدونك عنها، يقولون: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَ آبَآؤُنَا الأولون﴾ [الصافات: ١٦١٧].
ولماذا يستبعدها هؤلاء؟ أليس الذي خلقهم مِنْ لا شيء بقادر على أنْ يعيدهم بعد أن صاروا عِظاماً؟
والحق سبحانه يقول: ﴿وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧].
وهذا قياس على قَدْر أفهامكم وما تعارفتم عليه من هَيِّن وأهْوَن، أما بالنسبة للحق تبارك وتعالى فليس هناك هيِّن وأهون منه؛ لأن أمره بين الكاف والنون؟
لكن لماذا يصدُّ الكفار عن الآخرة، والإيمان بها؟ لأنهم يعلمون أنهم سَيُجازون بما عملوا، وهذه مسألة صعبة عليهم، ومن مصلحتهم أن تكون الآخرة كذباً.
وصدق أبو العلاء المعري حين قال:
زَعَمَ المنجَّمُ والطبيبُ كِلاَهُمَا | لاَ تُحْشَرُ الأجْسَادُ قُلْتُ إليْكُمَا |
إنْ صَحَّ قَولكُمَا فلسْتُ بخَاسِرٍ | أَوْ صَحَّ قَوْلِي فَالخسَارُ عليكُمَا |
وقوله تعالى: ﴿فتردى﴾ [طه: ١٦] أي: تهلك من الردَى، وهو الهلاك.
وهكذا جاء الكلام من الله تعالى لموسى عليه السلام أولاً: البداية إيماناً بالله وحده لا شريك له، وهذه القمة الأولى، ثم جاء بالقمة الأخيرة، وهي البعث فالأمر إذن منه بداية، وإليه نهاية: ﴿إنني أَنَا الله لا إله إلا أَنَاْ﴾ [طه: ١٤] إلى أنْ قال: ﴿إِنَّ الساعة آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [طه: ١٥].