وسمُيِّ الشيء الذي يتصل بالمادة، فتدبّ فيها الحياة روحاً، فقال: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي... ﴾ [الحجر: ٢٩].
وسُمِّي المنهج الذي ينزل من السماء لهداية الأرض روحاً، وسُمّي الملَك الذي ينزل به روحاً؛ لأنه يعطينا حياة دائمة باقية، لا فناء لها، وهكذا يتم الإرتقاء بالحياة.
فإذا نزلنا أدنى من ذلك وجدنا للحيوان حياة، وللنبات حياة، فالحيوان يُنْفَق ويموت، والنبات إنْ منعتَه الماء جَفَّ وذَبُل وانتهى. أما الجماد فله حياة أيضاً، بدليل قوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ... ﴾ [القصص: ٨٨].
فوَصَف كل ما يقال له شيء بأنه هالك، والهلاك ضد الحياة، فلا بُدَّ أن تكون له حياة، ألم تقرأ قوله تعالى: ﴿لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ... ﴾ [الأنفال: ٤٢] فالحياة ضِدُّها الهلاك.
إذن: فكل شيء في المخلوقات حتى الجماد له حياة، وفي تكوينه مائية، كما قال سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ... ﴾ [الأنبياء: ٣٠].
ويختتم سبحانه هذه الآية بقوله: ﴿أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٠] يعني: أعَمُوا عن هذه الآيات التي نُبِّهوا إليها، وامتنعوا عن الإيمان؟ يعني: أعَمُوا عن هذه الآيات التي نُبِّهوا إليها، وامتنعوا عن الإيمان؟ فكان يجب عليهم أنْ يتفتوا إلى هذه الآيات العجيبة والنافعة لهم، كيف والبشر الآن يقفون أمام مخترع أو آله حديثة أو حتى لُعبة تبهرهم فيقولون: مَنْ فعل هذه؟ ويُؤرِّخون له ولحياته، وتخرَّج في كلية كذا... إلخ.
فمن الأَوْلى أنْ نلتفتَ إلى الخالق العظيم الذي أبدع لنا هذا الكون، فالانصراف - إذن - عن آيات الله والإعراض عنها حالة غير طبيعية لا تليق بأصحاب العقول.