وهذا استبطاء منهم لِوَعْد الله بالآخرة والعَرْض عليه سبحانه، وأن سيُعذِّبهم بالنار التي تُنضج جلوددهم، ويُبدِّلهم الله جلوداً غيرها.. إلخ؛ لأنهم لا يُصدِّقون هذا ولا يؤمنون به، وسبق أنْ قالوا لرسول الله: ﴿أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً﴾ [الإسراء: ٩٢].
ثم يقول تعالى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الذين كَفَرُواْ... ﴾.
أي: لو يعلمون ما يحدث لهم في هذا الوقت حين لا يستطيعون دَفْع النار عن وجوههم، وذَكر الوجه بالذات لأنه أشرف أعضاء الإنسان وأكرمها؛ لذلك إذا أصابك أذىً في وجهك تحرص على إزالته بيدك، وأنت لم تفعل أكثر من أنك نقلْتَ الأذى من وجهك إلى يدك، لماذا؟ لأن الوجه عزيز عليك، لا تقبل إهانته، ولا تتحمَّل عليه أيَّ سوء.
فقوله تعالى: ﴿لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار... ﴾ [الأنبياء: ٣٩] دلاَلة على إهانتهم ﴿وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ... ﴾ [الأنبياء: ٣٩] لأنها تأتيهم من كل مكان: ﴿وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ..﴾ [الأنبياء: ٣٩] أي: لا يجدون مَنْ ينقذهم، أو يأخذ بأيديهم ويدفع عنهم.
حتى الشيطان الذي أغواهم في الدنيا سيتبرّأ منهم يوم القيامة، ويقول: ﴿مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] وأصرخه: أزال سبب صراخه، والهمزة في أصرخه تسمى


الصفحة التالية
Icon